30 / 12 / 2014

أبو هريرة – رضي الله عنه –

د. سندس اكرم

اسمه ونسبه :
كان يدعى في الجاهلية عبد شمس فلما أكرمه الله بالإسلام سأله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ما اسمك فأجاب عبد شمس فقال عليه الصلاة والسلام بل عبد الرحمن فقال نعم عبد الرحمن بأبي أنت وأمي يا رسول الله .أما كنيته بأبي هريرة فقد كان له في طفولته هرة يلعب بها فنسبوه إليها وسُمِّيَ أبو هريرة وشاع حتى على أسمه .

اسلام ابي هريرة – رضي الله عنه- :

أسلم في قبيلة دوس على يد الطفيل بن عمرو الدوسي سنة( 7 هـ )، وهو وحده الذي أجاب دعوة الطفيل بن عمرو الدوسي بعد أبي الطفيل وزوجه. عندما دعا الطفيل قبيلته دوسًا إلى الإسلام

وظل في ارض قومه دوس إلى ما بعد الهجرة بست سنين حيث وفد مع جموع من قومه على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالمدينة.

برُّه بأمهِّ ودعاء الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لها:

قد انقطع الفتى الدوسي لخدمة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وصحبته فاتخذ المسجد مقاما والنبي معلما وإماما إذ لم يكن له في حياة النبي زوج ولا ولد وإنما كانت له أم عجوز أصرت على الشرك فكان لا يفتأ يدعوها إلى الإسلام إشفاقا عليها وبراً بها فتنفر منه وتصده .
فيتركها والحزن عليها يفري فؤاده فريا .وفي ذات يوم دعاها إلى الإيمان بالله ورسوله فقالت في النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قولا أحزنه وأمضه.فمضى إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو يبكي فقال له الرسول ما يبكيك فقال :إني كنت لا أفتر عن دعوة أمي إلى الإسلام فتأبى علي وقد دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره . فادع الله عز وجل أن يميل قلب أمي للإسلام .
فدعا لها النبي . صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال أبو هريرة فمضيت إلى البيت فإذا الباب قد رد وسمعت خضخضة الماء فلما هممت بالدخول قالت أمي : مكانك يا أبا هريرة ثم لبست ثوبها وقالت أدخل فدخلت فقالت أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله.فعدت إلى رسول الله وأنا أبكي من الفرح كما بكيت قبل ساعة من الحزن وقلت أبشر يا رسول الله فقد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة إلى الإسلام.

. فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا. قال قلت: يا رسول الله! ادع ُالله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا. فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وصحبه وسلم (( اللهم! حبب عبيدك هذا – يعني أبا هريرة – وأمه إلى عبادك المؤمنين. وحبب إليهم المؤمنين)) فما خلق مؤمن يسمع بي، ولا يراني، إلا أحبني، وهذا لا يدل الا على بره – رضي الله عنه- بأمِّه وحبه لها.

وظاهر هذا الحديث أن دعوة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هذه لأبي هريرة – رضي الله عنه- لا تقتصر على حياته وإنما هي أبدية، لأن لفظ المؤمنين في كلام الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يدل على العموم، كما أن عبارة: فما خلق مؤمن في كلام أبي هريرة هي نكرة في سياق النفي، وهي من صيغ العموم أيضاً.

ومن بر أبي هريرة- رضي الله عنه- بأمِّه انه قال: خرجت يوماً من بيتي إلى المسجد، فوجدت نفراً، فقالوا: ما أخرجك ؟ قلت: الجوع.

فقالوا: ونحن والله ما أخرجنا إلا الجوع.

فقمنا، فدخلنا على رسول الله، فقال: (( ما جاء بكم هذه الساعة )) ؟ فأخبرناه ; فدعا بطبق فيه تمر، فأعطى كل رجل منا تمرتين.

فقال: (( كلوا هاتين التمرتين، واشربوا عليهما من الماء، فإنهما ستجزيانكم يومكما من هذا )).

فأكلت تمرة، وخبأت الأخرى، فقال: (( يا أبا هريرة، لم رفعتها ؟)) .

قلت: لأمي.

قال: (( كلها، فسنعطيك لها تمرتين )).

حرصه على طلب العلم:

شهادة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأبي هريرة بأنه حريص على طلب العلم ، فقد أخرج البخاري وأحمد وغيرهما عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (( قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَقَالَ: ))لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ)).

أخلاقه:

كان لطيفًا، حليمًا، وقورًا، مَرِحًا، كريمًا، وكان ذا دُعابةٍ، ؛ مسارعًا في القربات والخيرات، ومن ذلك عتق الرقاب؛ لما له من فضل عظيم وثواب جزيل، كان لأبي هريرة – رضي الله عنه – جارية زنجية، فرَفَع يومًا عليها السوطَ؛ فقال )): لولا القِصاصُ لأَغشيتُك به، ولكن سأبيعك لمن يُوفِّيني ثمنَك، اذهبي فأنت حرَّة لوجه الله((

وفي الطبقات لابن سعد: عن ثابت، عن أبي رافع، قال: كان مروان ربما استَخلَف أبا هريرة على المدينة، فيركب حمارًا قد شدَّ عليه – قال عفان: قُرْطاطًا، وقال عارم: بَرْذَعةً – وفي رأسه خُلْبة من ليفٍ، فيسير، فيَلقى الرجلَ، فيقول: الطريق، قد جاءَ الأمير، وربما أتى الصِّبيانَ وهم يلعبون بالليل لعبةَ الغراب، فلا يشعرون بشيءٍ حتى يُلقِي نفسه بينهم، ويَضرب برجلَيْه، فيَفزَع الصبيانُ، فيفرُّون، وربما دعاني إلى عَشائه بالليل، فيقول: دَعِ العُراق للأمير، فأنظرُ، فإذا هو ثريدٌ بزيت((

وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة- رضي الله عنه-، قال : (( لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ : يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ، قال : وَأَبَقَ غُلَامٌ لِي فِي الطَّرِيقِ ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فَبَايَعْتُهُ ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلَامُ ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ : صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ((يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ (( ، فَقُلْتُ: هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ فَأَعْتَقْتُه)).

ملازمته لرسول الله وحفظ الأحاديث عنه:

أخرج البخاري ومسلم عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: (( يَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ وَيَقُولُونَ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لَا يُحَدِّثُونَ مِثْلَ أَحَادِيثِهِ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ وَكُنْتُ امْرَءاً مِسْكِينًا أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي فَأَحْضُرُ حِينَ يَغِيبُونَ وَأَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يَوْمًا :لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ مِنْكُمْ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ ثُمَّ يَجْمَعَهُ إِلَى صَدْرِهِ فَيَنْسَى مِنْ مَقَالَتِي شَيْئًا أَبَدًا، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً لَيْسَ عَلَيَّ ثَوْبٌ غَيْرُهَا حَتَّى قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مَقَالَتَهُ، ثُمَّ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي، فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ مَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَتِهِ تِلْكَ إِلَى يَوْمِي هَذَا، وَاللَّهِ لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمْ شَيْئًا أَبَدًا ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى… – إِلَى قَوْلِهِ – الرَّحِيمُ﴾

وذكر عن ابن سعد في الطبقات أن أبا هريرة حدَّث ذات مرة عن النبي بحديث : ((من شهد جنازة فله قيراط))، فقال ابن عمر: ((انظر ما تحدث به يا أبا هريرة فإنك تكثر الحديث عن النبي فأخذ بيده فذهب به إلى عائشة، فقال: أخبريه كيف سمعتِ رسول الله يقول، فصدَّقَت أبا هريرة، فقال أبو هريرة: يا أبا عبد الرحمن والله ما كان يشغلني عن النبي غرس الوَدِيِّ، ولا الصفق بالأسواق، فقال: ابن عمر: ((أنت أعلمنا يا أبا هريرة برسول الله وأحفظنا لحديثه)) وأصله في الصحيح.

وأخرج أبو نعيم في معرفة الصحابة عن أبي هريرة- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال : ((لا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك ؟ )) فقلت : أسألك أن تعلمني مما علمك الله.

أخرج البخاري عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- فَقَالَ: صَحِبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثَلَاثَ سِنِينَ لَمْ أَكُنْ فِي سِنِيَّ أَحْرَصَ عَلَى أَنْ أَعِيَ الْحَدِيثَ مِنِّي فِيهِنَّ.

أخرج البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءَيْنِ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا الْبُلْعُومُ.

) وعاءين : (نوعين من العلم ، والوعاء في الأصل الظرف الذي يحفظ فيه الشيء . والمراد بالوعاء الذي نشره ما فيه أحكام الدين وفي الوعاء الثاني أقوال منها: أنه أخبار الفتن والأحاديث التي تبين أسماء أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقيل غير ذلك .

) بثثته(: نشرته وأذعته .

نصح النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأبي هريرة

أخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وصححه الألباني عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: ((يا أبا هريرة كن ورعاً تكن أعبدَ الناس. وكن قنعاً تكن أشكرَ الناس. وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مؤمناً. وأحسن جوار من جاورك تكن مسلماً. وأقل الضحك فإن كثرةَ الضحكِ تميتُ القلبَ)).

رقية رسول الله له:

أخرج أحمد وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وَأَنَا أَشْتَكِي يَعُودُنِي فَقَالَ: أَلَا أُعَلِّمُكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَلَا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةٍ رَقَانِي بِهَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام قُلْتُ: بَلَى بِأَبِي وَأُمِّي قَالَ: (( بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ مِنْ كُلِّ دَاءٍ يُؤْذِيكَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ كُلِّ دَاءٍ فِيكَ)).

عبادته – رضي الله عنه- :

كان أبو هريرة من علماء الصحابة وفضلائهم، يشهد لذلك رواية كثير منهم عنه، ورجوعهم اليه في الفتوى.

كان- رضي الله عنه- صواماً قوامًا يتناوب قيام الليل، هو وزوجته، وخادمه، فيما رواه عنه أبو عثمان النهدي قَالَ: تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعًا فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُونَ اللَّيْلَ أَثْلَاثًا يُصَلِّي هَذَا ثُمَّ يُوقِظُ هَذَا، وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بَيْنَ أَصْحَابهِ تَمْرًا فَأَصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ . أخرجه البخاري.

وزاد أحمد : قَالَ قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كَيْفَ تَصُومُ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَأَصُومُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلَاثًا فَإِنْ حَدَثَ لِي حَادِثٌ كَانَ آخِرُ شَهْرِي قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يَوْمًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ تَمْرًا فَأَصَابَنِي سَبْعُ تَمَرَاتٍ إِحْدَاهُنَّ حَشَفَةٌ وَمَا فِيهِنَّ شَيْءٌ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْهَا أَنَّهَا شَدَّتْ مَضَاغِي.

وذكر ابن سعد بسند صحيح عن عكرمة أن أبا هريرة كان يُسبِّح في كل يوم اثنتي عشرة ألف تسبيحة ويقول: أسبح بقدر ذنبي.

وعن ابن جريج قال: قال أبو هريرة: إني أجزئ الليل ثلاثة أجزاء، فجزء لقراءة القرآن، وجزء أنام فيه، وجزء أتذكر فيه حديث رسول الله.

عن شراحيل: أن أبا هريرة كان يصوم الاثنين والخميس.

وقال سعيد بن المسيب – رحمه الله -: رأيت أبا هريرة يطوف بالسوق، ثم يأتي أهله فيقول: هل عندكم من شيء؟ فإن قالوا: لا قال: فإني صائم.

عن ابي أيوب وهو عبد الله ابن أبي سليمان مولى عثمان بن عفان يقول كان لأبي هريرة في مخدعه مسجد وفى بيته مسجد وفي حجرته مسجد وفي داره مسجد وعلى باب داره مسجد إذا دخل صلى فيها جميعا وإذا خرج صلى فيها جميعاً.

و عن أنس عن أبي هريرة قال: ألا أدلكم على غنيمة باردة؟ ؛ قالوا: ماذا يا أبا هريرة؟ قال: الصوم في الشتاء.

ومن ورعه ايضا انه قال أبو هريرة: ما صدقتكم أنفسكم تأملون مالا تبلغون، وتجمعون مالا تأكلون، وتبنون ما لا تسكنون.

وأخرج أيضًا عن أبي المتوكل عن أبي هريرة قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئًا من تمر فجعلته في مكتل لنا فعلقناه في سقف البيت فلم نزل نأكل منه، آخره أصابه أهل الشام حيث أغاروا بالمدينة .

وعن يزيد بن الأصم قال سمعت ابا هريرة يقول: يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع أو الجذل في عينه.

وأخرج أيضًا عن ابن شوذب قال: لما حضرته الوفاة بكى، فقيل له: يا أبا هريرة ما يبكيك، قال: بعد المفازة وقلة الزاد وعقبة كؤود المهبط منها إلى الجنة أو النار.

أخرج البخاري عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ شَابٌّ وَأَنَا أَخَافُ عَلَى نَفْسِي الْعَنَتَ وَلَا أَجِدُ مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ النِّسَاءَ؛ فَسَكَتَ عَنِّي؛ ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَسَكَتَ عَنِّي ؛ ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ؛ فَسَكَتَ عَنِّي ثُمَّ قُلْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا أَنْتَ لَاقٍ فَاخْتَصِ عَلَى ذَلِكَ أَوْ ذَرْ.

وكان – رضي الله عنه- شاكراً لأنعم الله اذعرف بكثرة ذكره لله وشكره له على نعمه؛ فقد ورد أنه صلى بالناس يومًا فلما سلم رفع صوته فقال : الحمد لله الذي جعل الدين قواماً ، وجعل أبا هريرة إماماً بعد أن كان أجيرا لابنة غزوان على شبع بطنه ، وحمولة رحله) حلية الأولياء

ويقول أبو هريرة: نشأت يتيماً، وهاجرت مسكيناً، وكنت أجيراً لبسرة بنت غزوان، بطعام بطني وعقبة رجلي، وكنت أخدم إذا نزلوا، وأحدوا إذا ركبوا، فزوجنيها الله، فالحمد لله الذي جعل الدين قواماً، وجعل أبا هريرة إماماً) أخرجه ابن ماجة

وفاة الصحابي الجليل:

طال عمر أبي هريرة بعد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم 47 عاما. ودخل مروان بن الحكم عليه في مرضه الذي مات فيه فقال شفاك الله، فقال أبو هريرة: اللهم إني أحب لقاءك فأحب لقائي, ثم خرج مروان فما بلغ وسط السوق حتى توفي. وتوفي بالمدينة المنورة ودفن بالبقيع سنة 57 هـ عن عمر ناهز 78 عاما.

و قد روى عنه نحو ثمانمائة رجل من الصحابة والتابعين وغيرهم, وروى عنه أصحاب الكتب الستة ومالك بن أنس في موطئه، وأحمد بن حنبل في مسنده, وقد جمع أبو إسحاق إبراهيم بن حرب العسكري المتوفى سنة 282 هـ مسند أبي هريرة وتوجد نسخة منه في خزانة كوبرلس بتركيا كما ذكر صاحب الأدب العربي.

وهذا كان حال صحابة رسول الله رضوان الله عليهم قليلا من الليل ما يهجعون ، لقد عاشو حياة الكفاف وكان جل عملهم حفظ احاديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والتحلي باخلاقه، زهادا في الدنيا وفقنا الله سبحانه لاتباع سيرة المصطفى والاقتداء بالسلف الصالح.


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه