21 / 10 / 2013

(الاضحية) سنة أبينا إبراهيم – عليه السلام – قصة الذبيح...

بقلم: الشيخ عبد الله جبر عليوي

       من روائع قصص القرآن التي نستلهم منها الدروس والعبر , والتي تحمل في طياتها أروع معاني البطولة والفداء والصبر والتضحية والإقدام والشجاعة والتسليم المطلق لأمر الله والرضا بقضائه , قصة قدمها والد وولده , هما النبيان الرسولان الصابران إبراهيم وولده إسماعيل – عليهما السلام :  إذ يأمر الله –تعالى- سيدنا إبراهيم –عليه السلام- أن يذبح ولده إسماعيل –عليه السلام- في رؤيا منامية , ويستجيب إبراهيم –عليه السلام- لأمر الله , ويواجه الأمر بقلب مفعم بالإيمان والصبر والتسليم لأمر الله – تعالى- . ويواجه ولده إسماعيل بالأمر الرباني ؛ لينظر ماذا يقول , فيرد إسماعيل –عليه السلام- المؤمن المستسلم لأمر الله الراضي بقضائه وقدره فيما حكاه القرآن , في قوله – تعالى- : (( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)) (الصافات:102).  ولما جد الأمر وعزم الأب على ذبح ابنه , وإذا بإسماعيل –عليه السلام – يقول : (( يا أبت إأذن لي قبل أن تنفذ أمر الله في ذبحي , إأذن لي أن أوصيك وصية مودع)) . فنظر إبراهيم –عليه السلام- إلى ولده العزيز وفلذة كبده وثمرة فؤاده الذي طالما انتظره . فذرفت العيون الدموع , واحتبست الكلمات على الشفاه !! حقا إنها لحظات حرجة , هي لحظات الوداع بين الأب وابنه , وموقف صعب لا تتحمله الجبال الرواسي أن يذبح الأب ابنه !! ولكن الأمر إذا كان في سبيل الله , تهون النفوس وترخص الدماء , فسمعاً وطاعة لأمر الله –تعالى – (( اللهم لا راد لما قضيت ولا اعتراض على أمرك , ومرحبا بلقائك والجنة)) . قالها إبراهيم وإسماعيل – عليهما السلام-  وقالها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يوم جاءه ملك الموت يستأذنه في قبض روحه الشريفة , وقالها الأنبياء والمرسلون , وستبقى إلى يوم القيامة يرددها الشهداء والصالحون . ونعود بكم أيها الإخوة إلى وصية إسماعيل –عليه السلام- وهو يوصي أباه قائلاً : (( يا أبت أوصيك بان تحكم شد وثاقي , وتربط يدي ورجلي , كي لا أتحرك فينكسر قلبك عليّ وأوصيك بأن تذبح رقبتي من الخلف لا من الأمام ؛ كي لا ترى وجهي فتأخذك الشفقة بي , وأوصيك بأن تحد شفرتك ( السكين ) وتكون قوياً في تنفيذ أمر الله في ذبحي كما أوصيك خيراً في أمي ـ انظر إلى الابن البار كيف لا ينسى بر والديه , وفضل أمه عليه حتى في آخر لحظات حياته وهو يودع الدنيا ـ وأن لا تمر بها بعد موتي على من هو بسني , فتراه فتذكرني وتبكي)) !!

    وعندما انتهى إسماعيل –عليه السلام- من وصيته , وسلم الأمر إلى الله , طبق الأب المشفق وصية ابنه فاحكم شد وثاقه وحد شفرته وقلَبهُ على وجهه وسمى الله ؛ ليذبح إسماعيل وأمر السكين على رقبته , وإذا بالسكين لا تذبح ـ وكأنها خشبة مرت على رقبته !! فصاح إسماعيل : أبتاه هل أخذتك الشفقة بي فضعفت عن تنفيذ أمر الله , أم ضعفت قواك عن ذبحي ؟! فقال إبراهيم –عليه السلام- والله يا بني ما الشفقة منعتني وما ضعفت قواي عن تنفيذ أمر الله في ذبحك , وانظر إلى حدة السكين)) فضرب بها الحجر فانفلق نصفين !! وبينما هما كذلك ، وإذا بالجليل – سبحانه- , يوحي الى الخليل , فيما حكاه القران (( فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ  وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )) الصافات: (104،103 105 )  .

وهكذا نجح الأب والابن في الامتحان , وكانت العاقبة للمتقين والصابرين .

     اللهم اجعلنا من عبادك الصابرين , وألهمنا الصبر على طاعتك والصبر على عدم معصيتك والصبر على المصائب والشدائد والابتلاءات والصبر والتسليم لأمرك والرضا بقضائك وقدرك . كما نسألك اللهم لذة النظر إلى وجهك الكريم والشوق إلى لقائك والفوز بالجنة والنجاة من النار …. آميـــن


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه