ايات من القرأن الكريم

وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ

الآية رقم 82

من سورة الشعراء

03 / 08 / 2017

العادة السرية و تاخر الزواج

السلام عليكم انا مبتلى بالعادة السرية والاباحية لدرجة الافراط ولا أستطيع الزواج في الوقت الحالي لكن اشعر بحالة نفسية قاسية وكل مرة احاول تزداد الشهوة فاعود وامارسها اشعر بتعب وكل ما ابحث عن الحل اجد حلى ف الزواج ماذا افعل ؟؟

وللعلم انا اصلى وأكرمني الله واعتمرت ومنذ فترة ادعو الله بتيسير الزواج لكن الواقع لا يتغير هل لأني امارس تلك العادة من فترة الله اخر لي زواجي وهذا عقاب لي حاجات كثيرة تدور في راسي تعبت جدا ارجو منكم الافادة لأنى احيانا تراودني فكرة الانتحار وهو سيكون خلاصي راجوكم فدوني

 

الجواب:

قبل الحديث عن الفتوى أُذَكر السائلَ بأن الإسلام جعل الزنا من أكبر المحرمات فقد ذكر القرآن في صفات عباد الرحمن }وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{ الفرقان68 فالزنا يأتي في المرتبة الثالثة بعد الشرك بدعاء غير الله؛ وقتل النفس بغير الحق، وجعل عقوبة ذلك }وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً{ أي عقوبة وقد بينتها الآية التي بعدها }يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً{ الفرقان69 والعذاب من غير مضاعفة مهول لا يطاق؛ فكيف بالمضاعفة؟

والزنا الذي يضاعف الله لصاحبه العذاب هو قضاء شهوة الرجل والمرأة كاملة بالحرام من غير زواج، وهذا الذي فيه الحد الذي قال الله فيه }الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ{ النور2.

وهناك نصوص نبوية ذكرت زنا دون هذا الزنا؛ فعن النبي r أنه قال )إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ على بن آدَمَ حَظَّهُ من الزِّنَا أَدْرَكَ ذلك لا مَحَالَةَ؛ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ وَالنَّفْسُ تتمنى وَتَشْتَهِي وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك كُلَّهُ أو يكذبه(([1])

فسمى النظر والنطق زنا لأنه يدعو إلى الزنا الحقيقي فهو من أطلاق المسبب وإرادة السبب، ولذلك قال والفرج يصدق ذلك ويكذبه.

فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ: أي إلى ما لا يحل للناظر أن ينظر إليه. وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ: أي الكلام الفاحش والمثير. وَالنَّفْسُ تتمنى وَتَشْتَهِي: لأنها الأمارة بالسوء. وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذلك كُلَّهُ أو يكذبه: والتصديق هو الحكم بمطابقة الخبر للواقع، والتكذيب عكسه، فكان الفرج هو الموقع أو الواقع.

فمن أجل أن لا نقع بالزنا الكبير علينا قبل ذلك أن نأخذ بأسباب العفاف بمنع النظر والكلام والسماع والخلوة ونحو ذلك، لذا أمر الله المؤمنين المصدقين باليوم الآخر }قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ{ النور30 ثم أمر المؤمنات صاحبات الحياء }وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ{ النور31 فغض البصر بعد تحقق الإيمان؛ لأن الخطاب في الآيتين جاء للمؤمنين والمؤمنات.

ثم محاولة التعفف بالزواج لأنه أفضل طريق لغض البصر وإطفاء الشهوة، فمن لم يجد فعليه بالصوم فعن عبد اللَّهِ بن مسعود t قال: كنا مع النبي r شَبَابًا لا نَجِدُ شيئا فقال لنا رسول اللَّهِ r )يا مَعْشَرَ الشَّبَابِ من اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فإنه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فإنه له وِجَاءٌ(([2])

فمن عجز عن الزواج ولم يملك الباءة، وغضَّ البصر وتعففَ واستعانَ بالصوم ولم تنطفئ عنده نيران الشهوة وخاف على نفسه من الوقوع بالزنا أو الفتنة؛ فلا بأس بالاستمناء باليد كضرورة عند اشتداد الحاجة لأنها أهون من الزنا، وليس من باب التعود والترخص بلا خوف دواعي الوقوع في الحرام، وهذا رأي الحنفية وبعض الحنابلة في المسألة وأسأل الله أن يعف شبابنا ونساءنا وييسر للجميع طريق الحلال الطيب.

علمًا أنه لم يرد نص صريح في حكم العادة السرية في شريعتنا مع أنها كانت معروفة منذ أقدم العصور، وقد استنبط العلماء أحكامها من نصوص أخرى.

فاستدل الإمام مالك والشافعي رحمهما الله على تحريم الاستمناء باليد (العادة السرية) بقوله تعالى }وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{5} إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{ وقال: كل ما عدا الزواج وملك اليمين داخل فيما وراء ذلك، لذا قال الله تعالى }فمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{.

والإمام أحمد على ورعه يجوزه ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة ويقيسه على الفصد والحجامة.

أما عند الحنفية لو تعين الاستمناء طريقاً للخلاص من الزنا وجب لأنه أخف، فإن غلبته الشهوة المفرطة الشاغلة للقلب أو كان لا زوجة له أو كانت له زوجة إلا أنه لا يقدر على الوصول إليها لعذر ففعله إرادةً لتسكين لبشهوة فالرجاء أن لا يعاقب ويكره كراهة التنزيه، وأما إذا فعله لاستجلاب الشهوة فهو آثم.

وهذا تفصيل جيد يراعي حال الشاب، فالأصل التعفف وعدم اللجوء لهذا الفعل لدناءته، فإن خاف أن يقع في الزنا أو يستمني فلا شك أن الاستمناء أهون كنوع من أنواع دفع الضرورة، أما من كان من أصحاب الشهوة المفرطة وهي التي تشغل القلب كما هو حال الكثير من الشباب الذين يعانون تأخر الزواج لسبب ارتفاع المهور ومشكلة السكن والدراسة فتكره بحقه تنزيهاً، ولو تعمد إثارة الشهوة الساكنة بلا داع وإيقاظ كوامنها فهو آثم.

 

([1]) رواه البخاري 5/2304، بَاب زِنَا الْجَوَارِحِ دُونَ الْفَرْجِ، حديث رقم 5889، ومسلم 4/2046، بَاب قُدِّرَ على بن آدَمَ حَظُّهُ من الزِّنَا وَغَيْرِهِ، حديث رقم 2657

([2]) رواه البخاري 5/1950، بَاب من لم يَسْتَطِعْ الْبَاءَةَ فَلْيَصُمْ، حديث رقم 4779، ومسلم 2/1018، كِتَاب النِّكَاحِ، بَاب اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ لِمَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إليه، حديث رقم 1400

 

الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار

عضو الهيئة العليا للمجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والافتاء

نائب رئيس مجلس علماء العراق

 


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه