28 / 04 / 2013

العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج خطرٌ اقتصادي واخلاقي يهدد المجتمع...

تحقيق:- علي عبد الغني – حنين حسن

التبرج سببٌ رئيسيٌ من أسباب العنوسة

نسبة العنوسة في العراق تصل الى %55  والعدد في تزايد

العنوسة هو تعبير عام يستخدم للإناث الذين تعدوا سن الزواج المتعارف عليه في كل بلدوهنالك بعض الناس الذين يخطئون ويظنون ان المصطلح يطلق على النساء فقط من دون الرجال والصحيح انه يطلق على الجنسين ولكن المتعارف عليه حديثاً هو إطلاق اللفظ على النساء في الغالبية.

وكما يقال عنست المرأة فهي عانس إذا كبرت وعجزت في بيت أبويها.

ويذكر أن المجتمعات البدوية وأهالي القرى تعد العانس هي كل فتاة تجاوز عمرها العشرين، أما مجتمعات المدن فتحدد الثلاثين وما بعدها سنا لمن تطلق عليها صفة العانس نظراً إلى أن الفتاة يجب أن تكمل تعليمها قبل الارتباط والإنجاب.

    ان مفهوم العانس في المصطلح الشعبي العامي كل فتاة تأخرت عن سن الزواج المتفق عليه اجتماعيا.

وقد يتصور البعض أن العنوسة هي مسألة شخصية تتعلق بالفرد ذكرا كان ام انثى لكن الواقع عكس ذلك لأن الفرد ركيزة أساسية ومن مجموع الأفراد يتكون المجتمع.

    كما عانت هذه الظاهرة ليس العراق من انفرد بها بل هي متفشية في الوطن العربي عامه منها الدول الغربية منذ الحرب العالمية،  وما زالت آثارها وانعكاساتها السلبية تهيمن على المجتمعات الغربية كظاهرة الأم العازبة وشيوع الفاحشة وككل ظاهرة اجتماعية فهي كالوباء قابلة للانتشار وبسرعة اذا لم تجفف المنابع التي تمدها بالقوةوقد تتحول الى كارثة اجتماعية تؤرق المجتمع وتدفع به الى الهاوية اذا لم تعالج في الوقت المناسب وبالعلاج المناسب.

    وتنتشر العنوسة في العراق بدرجة كبيرة وحسب الإحصاءات المذكورة لدى منظمات المجتمع المدني بما يقارب 55%وهذه النسبة في تزايد مستمر وتختلف من محافظة لأخرى.

كما ان ظاهرة عزوف الشباب عن الزواج من اخطر الظواهر التي هددت بنية المجتمع العراقي وتركيبته الاجتماعية وان هذه الظاهرة مثلها مثل غيرها من المعضلات التي تثقل كاهل مجتمعنا ومنها البطالة والهجرة وبيع الحبوب المخدرة  وتفشي ظاهرة السرقة والنصب والاحتيال وعزوف الشباب عن الزواج  بدأ يكبر ويتنامى في مجتمعنا، ويرجع السبب الرئيسي لذلك هو العامل الاقتصادي والبطالة كما اخذ الجانب الأمني تصدره في اعاقة الشباب عن الزواج نتيجة عدم الاستقرار الامني وهجرة البعض والتهجير وهناك أسبابأخرى منها ازمة السكن ومتطلبات الزواج المكلفة وتمسك  أهالي البنت  بالمهور العالية والأثاث الغالي هذه الأسباب جعلت من الشباب التراجع عن الزواج وهذا مايسبب ويساعد في انتشار ظاهرة العنوسه اليوم وغدا وفي المستقبل القريب .

هناك عدة اخطار قد تنتج عن هذه الظاهرة منها:

اولا :( الاخطار الاجتماعية ) لقد شرع الله الزواج في الشريعة الاسلامية لمقاصد شريفة وغايات نبيلة منها اعفاف النفس وطلب النسل والتالف بين المسلمين فردا واسراً وجماعات فإذا تعثر الزواج وانحسر عن المد الاجتماعي، ضعفت فاعليته وقل النسل وكلت جدواه الاجتماعية والنفسية.
والمجتمعات التي تنهض علي مبدأ الزواج وتترابط فيها الأسر ويترابط افرادها- تكون من نمط المجتمعات الآخذة في سبيل التمدن والتحضر في الاتجاهين الضروريين لبناء الحضارة اعني الاتجاه الروحي الآخذ بزمام النفس نحو مكارم الأخلاق .

     ثانيا : ( الاخطار الاخلاقية ): الانسان بفطرته وغرائزه ورغباته ونزاعاته ميّال الي اشباع هذه الغرائز وتلك الرغبات والاستجابة لنداءاتها وتوجهاتها التي توظف في الفاحشة ويستوي في ذلك الرجال والنساء .

    ثالثا : ( الأخطار النفسية ) يذكر علماء النفس ان تاخر سن الزواج يؤدي إلي انحرافات جنسية منها اللواط والزنا والبغاء والاستعراض الجنسي، ومن اسباب هذه الانحرافات تأخر سن الزواج منها الحرمان الجنسي رغم الزواج والانفصال والطلاق والترمل.
انه لابد للانسان من اشباع غرائزه وتحقيق الاعفاف ولابد مع ذلك من امن النفس وهدوء الاعصاب واستقرار الضمير وفراغ البال وسبيل ذلك الزواج الشرعي في إطاره الأخلاقي والسعيد .

     رابعا : ( الاخطار الاقتصادية ) ما قدمناه من ان المجتمعات غالباً ترتفع فيها نسبة العنوسة والعزوبة تكثر فيها الجرائم غير الاخلاقية كالزنا واللواط والسرقة والاغتصاب والقتل وتناول المخدرات والمسكرات وهذه الجرائم لابد لها من مكافحة ومقاومة لكيلا تنغص معيشة الأمنيين ولا تتم هذه المكافحة وهذا التهذيب والتأديبإلا بمجهود ضخم تنفق فيه الاموال كما تنفقالأوقاتوالأفكار والجهود فتبين من ذلك ان المجتمع الخالي من العوانس او الذي تنخفض فيه نسبة العنوسة والعزوبة اوفر اقتصادا واعظم أمنا لهذا الاعتبار وهو ان الاموال المنفقة في مكافحة الجريمة وقمع المجرمين تستثمر في مرافق اخرى تعود على المجتمع بالخير والنفع الوفير فينمو اقتصاده وتزدهر حضارته وتتهذب عوائده ويكون المجتمع بذلك اخذ في مدارج الحضارة والرقي .

        ان العنوسه وعزوف الشباب عن الزواج لا يأتي بانطباع عائلي وراثي او رغبة داخلية لدى الإنسان باحتضان هذه الظاهرة والتمتع بها او التباهي بها أمام الناس بل هي ناتجة عن أسباب كثيرة وقد سلطنا الضوء على هذه الأسباب في استطلاعنا الخاص لمجلة الرسالة الإسلامية  .

اذ بينت لنا مسؤول شعبة النشاط النسوي في قسم الارشاد الاسلامي التابع لديوان الوقف السني الاستاذه منى عبد العزيز ابراهيم بعض اسباب هذه الظاهرة قائلة:

(( ان الحروب أحد الاسباب الرئيسية في العنوسة وذلك لكثرة الوفيات من الرجالوعزوف البنات عن الزواج بسبب المشاكل الأسرية بين الوالدين، تشكل لها نوعاً من العقدة والخوف من ان تحدث لها نفس المشاكل )).

وتقول اسماء عامر جواد البالغه من العمر 41 عاماً ان سبب عنوستي ترجع الى المتقدمين لطلب يدي للزواج عندما كان عمري 23 عاما تقدم لخطبتي شاب ادعى انه من عائلة محترمة وقد ثبت العكس تماما، ومن ثم تقدم لخطبتي رجل كان عمره 54 عاما وحينها كان عمري 26 عاما مما تم رفضه من قبل العائلة للفرق الكبير بالعمر بيننا وبقي الحال على ماهو عليه الى هذه اللحظة .

كما قال علي كمال حسوني البالغ من العمر 36 عاما ان سبب تأخري بالزواج هو عندما تقدمت لخطبة إحدى النساء فلقد بالغ ذويها بالمهر والتجهيز وحتى في حفل الزفاف وانا اعمل حارساً في كراج سيارات ومرتبي الشهري لا يتجاوز 400الف دينار عراقي

وفي لقاء خاص لمجلة الرسالة الاسلامية اوضحت استاذة علم الاجتماع  فاطمة سلوم الاسباب الرئيسية والمهمة لظاهرة العنوسة منها:

إن هناك أسبابا ظاهرة وباطنة وراء زيادة العنوسة في المجتمع العراقي تتلخص في غلاء المهور وتكلف الأسر وبالتالي تكون النتيجة عدم قدرة الشباب على القيام بتكاليف الزواج وأعبائه أما عن الأسباب الباطنة وهي غياب الدين عن حياة الناس والرغبة في التفاخر بين الأسر سواء في إقامة عرس أو في شراء ذهب حتى وصلت عند بعض الأسر الى ان تشترط على العريس عدداً من جرامات الذهب يصل ثمنها الى اكثر من تكلفة غرفة النوم، وتضيف الدكتورة ومن العجائب في ذلك وضع تقسيمات بين الأسر فكلما زاد مهر العروسة بين أقرانها كلما دلّ ذلك على شرفها وشرف قومها؛ ولهذا السبب فإن أعلى نسبة عنوسة تتركز في الوجه القبلي.

وحول تأثير هذه الظاهرة على المجتمع تقول أستاذة علم الاجتماع: إنها بمثابة قنبلة موقوتة تنفجر في المجتمع وهي أحد أسباب انتشار بعض الجرائم الأخلاقية، فكلما تأخر سن الزواج كلما صب ذلك في صالح انتشار الجرائم الأخلاقية والاغتصاب وأدى ذلك إلى انتشار الأخلاقيات المنحلة .

وبين لنا الباحث سعدي الهاشمي جانباً مهماً من هذه الاسباب قائلاً:

      ان المجتمع العراقي مجتمع اسلامي ويلتزم بعاداته وتقاليده الإسلامية والحضارية، وإن ظاهرة التبرج هي سببٌ كبير في العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج وذلك يرجع الى عدم التزام بعض الفتيات بالشريعة الإسلامية في مجال اللباس والسلوك والاخلاق فتبرج الفتاة وخروجها عن مالوف العادات الاسلامية لكثرة كمخالطتها الرجال وتجولها في الأسواق وكشفها عن محاسن جسمها وفتنتها للشباب ومراسلتهم كل هذا يترك صورة سيئة عنها في مخيلة الشباب الذين يعرفونها،  فهي مشهورة بينهم بالضياع والانحلال وعدم الاحتشام  ونتيجة لذلك تراهم لا يفكرون فيها كزوجة ولا يرضون بها فهم لا يرونها إلاّ خليلة للمتعة وقضاء الوقتوخير دليل على ذلك ان الشباب المنحرف لا يتزوج من فتاة قبلت ان تكون صديقته وخليلة له وخانت نفسها واهلها بالاتصال به، فيكتفي بالاستمتاع بها عبر الطرق غير الشرعية ومن البديهي ان تبقي هذه الفتاة عندئذ بدون زواج وربما يبلغن الثلاثين وليس ثمة خاطب يتقدم لهن  فيكون بعدها انحرافهن سببا كافيا في عدم اقبال الشباب عليهن وقد تستمر بهن الحياة في الاتصال المحرم إلا اذا جاء خاطب من مكان بعيد وغريب عن تلك المنطقة وانخدع بجمالها دون التحري عن صفاتها وعندها قد يتم الزواج وهذا من النادر ان يقع.

ماهو الحل لهذه الظاهرة

     تمكن المفكرون والمحللون والباحثون في مجال علم النفس وعلم الاجتماع لوضع حلول كثير من مشاكل ظاهرة العنوسه والعزوف عن الزواج وهي:

        ينبغي على أهل الفتاة البحث عن رجل مناسب يستطيع أن يسعد ابنتهم وعدم النظر إلى غلاء المهر وإنما البحث عن رجل مسلم رشيد وصاحب أخلاق طيبة يحافظ على ابنتهم ويصونها ويسعدها.

وعلى الفتاة ألاّ تعتذر عن الزواج بحجة مواصلة التعليم فيضيع عمرها وتصل إلى مرحلة العنوسة، ولكن يمكن أن تتفق مع الزوج على مواصلة التعليم وهي متزوجة فبعضهن يتعلق بحجة إكمال الدراسة أو الخوف من المصاريف زاعمات أن الزواج يحول بينهن وبين ما يرومون من مواصلة التحصيل فمتى كان الزواج عائقاً عن التحصيل العلمي، بل لقد ثبت بالتجربة والواقع أن الزواج الموفق يعين على تفرغ الذهن وصفاء النفس وراحة الفكر وأنس الضمير والخاطر، والله عز وجل يقول : (وَأَنكِحُواْ الأيَمَى مِنكُم وَالصَّلِحِينَ مِن عِبَادِكُم وَإمَآئِكُم إن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغنِهِمُ اللهُ مِن فَضلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمُـُ)  النور: ٣٢

وكذلك تيسير سبل الزواج وتزويج الأكفاء وترسيخ المعايير الشرعية لاختيار الزوجين ومجانبة الأعراف والعادات والتقاليد الدخيلة التي لا تتناسب مع قيم ديننا الحنيف

  وتقبل المجتمع لسنة التعدد والتي تسهم في تقليل النسبة من هذه الظاهرة.


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه