28 / 09 / 2014

النهوة العشائرية …. سجن المرأة مدى الحياة

تقرير : محمد عبد الواحد

أحب بعضنا البعض ليصل الى حد الجنون ، وتعاهدا على الوفاء للحب الصادق الذي جمعهما ولكن التيار كان  اقوى منهما ، رباب طالبة جامعية أحبها زميلها في الجامعة ، وكانا يخططان للزواج ولكن عندما سمع ابن عم رباب منع الخطبة ، وهدد العريس بالقتل ، فكان نصيب رباب الضرب ، والإهانة ، وبشكل مستمر من قبل والدها  واخوانها الى ان استسلمت لقدرها المحتوم وهو الزواج من ابن عمها ،  هذه القصة وغيرها من القصص التي أدت الى الانتحار ، والقتل ، وسفك الدماء .
(النهوة ) هي عرف عشائري موروث يراد منه زواج المرأة من ابن عمها بكلمة للمتقدم لخطبتها من خلال كلمة واحدة يمكن ان تبقى هذه المرأة عانسا مدى حياتها ، اعددت لكم تحقيقاً عن هذه الظاهرة التي تنتشر في المجتمعات العشائرية.


احصائيات رسمية
المفوضية العليا لحقوق الإنسان كشفت عن زيادة معدل الانتحار في العراق خلال سنة 2013 المنصرمة عن سابقتها بنسبة 60 بالمئة، وبواقع 439 حالة معظمها لشباب، وفي حين عزت ذلك للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية ، والنفسية التفكك الأسري ، دعت رجال الدين والجهات الإعلامية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني لممارسة دورهم لتطويق هذه ((الظاهرة الخطيرة والحد من استفحالها أ حيث بلغت )) حالات الانتحار في اخر احصائية ، توزعت بواقع 119 في ذي قار، و76 في ديالى، و68 نينوى، و44 في بغداد الرصافة، و33 في البصرة، و16 بالمثنى، و15 في ميسان، و12 في واسط .
وأوضحت المفوضية في بيان لها ، أن (( المفوضية ركزت اهتمامها على معرفة الأسباب الحقيقة لزيادة نسبة الانتحار للحد من انتشارها من خلال برامج تثقيفية تبدأ من المدارس والجامعات ووسائل الإعلام)) ، داعياً (( رجال الدين والجهات الإعلامية والأكاديمية ومنظمات المجتمع المدني لممارسة دورهم لتطويق هذه الظاهرة الخطيرة والحد من استفحالها)) .

عرف موروث
البداية كانت مع الشيخ حسين علي خلف  الذي قال (( ان تقليد النهوة عرف سائد وموروث في المجتمعات التي تحكمها القبيلة و نعرف بان بعض من تلك التقاليد متخلفة وحتى تتعارض مع تعاليم ديننا الحنيف وهذا  بسبب قلة الوعي لدى ابناء العشيرة  ، واضاف ان المرأة في المجتمع العشائري  ضحية الأب أو الأخ أو ابن العم يكون ؛ لذلك من الضروري مراعاة حقوقها المشروعة ، فالبعض من ابناء العشائر غالبا ما يحاولون منع أي شخص غريب من ان يتزوج ابنة عمه ويصرون هم على زواجها بغض النظر عما اذا كان هناك تفاهم بين بنت العم وابن عمها وان كان يكبرها بعدة سنين فالفارق العمري والتفاهم ليس مهما بالنسبة لهم فضلا عن رضا الفتاة ايضا حيث يجبر الأهل الابنة دائما على الزواج من أقاربها استنادا الى الصلة الاجتماعية بين ابناء البيت الواحد أوالعشيرة الواحدة حيث تستمد تواصلها من هذه الزيجات ، ويشير  الشيخ حسين بانه في الغالب نرى ان مصير هذه الزيجات في النهاية هو الفشل وبالتالي تنتهي الى الطلاق وقسم منها تنتهي بزواج الرجل من زوجة ثانية ، أو ثالثة وتصبح ابنة العم ضحية .
ظواهر اجتماعية اخرى
واضاف شيخ العشيرة الى ظواهر اجتماعية أخرى لا تقل أهمية عن النهوة ، فهناك زواج ( الكصة بالكصة )، وهناك أيضا زواج ( الفصلية) وفي كلا الحالتين تكون الضحية أيضا المرأة التي يتم تزويجها بالإكراه ، وهذه من الظواهر العشائرية المعروفة التي يجب استئصالها من المجتمع لما لها من أضرار على تكوين الأسرة . وأسلوب التعايش بين الطرفين .

رأي ديني
إمام جامع التقوى وخطيبه الشيخ عدنان فاضل قال : (( إن موضوع النهوة شائك ومتعدد الأطراف، فهناك أسباب ، وظروف ساعدت على النهوة في المجتمع العربي خاصة وسببها هو العادات العشائرية والتخلف. وقد حث الدين الإسلامي على محاربة هذه الصفات الذميمة لتعيش المرأة في ظل الإسلام محترمة ومصونة ولها شخصيتها المميزة ، فهي نصف المجتمع وهي الأخت ، والأم ، والزوجة ، والبنت فكيف يمكن ان تعامل بهذه الطريقة التي سلبت من شخصيتها وحرمتها من أبسط الحقوق ألا وهو حق اختيار الزوج الذي شرعه الله لها لكي تخلق جيلا جديدا فكيف يمكن لابن العم أو الأخ ان يمنع  زواج أخته وتركها لفترات طويلة حتى يمر عليها الزمن وهي التي تحتاج إلى ان تكون زوجة مخلصة ، وأم حنون وتكون أسرة لبناء المجتمع .
وأضاف ((لابد من التفكير بالنتائج من هذه الظاهرة السلبية وما تسببه من مشاكل اجتماعية خطرة تخص المجتمع، فهي تؤثر على البنت ، وعلى الولد اللذين يتم الاتفاق على زواجهما ومن ثم النهوة وما يترتب من مشاكل صحية قد يسببها ذلك الشخص المنهي على ابنة العم وعلى الأخت فقد يسبب لها عقدة نفسية أو حالات كآبة هي في غنى عنها ربما كان الزواج هو الأصلح لها لكي لايتغلغل الفساد في المجتمع الإسلامي.
محاسبة قانونية
أما المحامي والخبير القضائي رعد القيسي قال : جاء في المادة التاسعة من قانون الأحوال الشخصية العراقي فقرة واحد : لا يحق لأي من الأقارب إكراه أي شخص ، ذكراً كان أم أنثى على الزوج دون رضاه ، ويعد عقد الزواج بالإكراه باطل،إذا لم يتم الدخول ، كما لا يحق لأي من الأقارب ،منع من كان أهلا للزواج، بموجب احكام هذا القانون من الزواج.
اما الفقرة الثانية تقول : يعاقب من خالف أحكام الفقرة (واحد) من هذه المادة، بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات، وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا كان قريب من الدرجة الأولى . إما إذا كان المخالف من غير هولاء فتكون العقوبة السجن مدة لاتزيد على عشر سنوات ،او الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات .
تفكك الاسرة
أما الدكتور النفسي زيد فريح قال : ظاهرة تزويج المرأة غصبا عنها، ظاهرة موجودة قديماً وحديثاً، وهي ظاهرة مؤلمة ومؤسفة، لها آثارها وتداعياتها السلبية، وتقود في غالب الأحيان إلى عواقب وخيمة، من ابرزها تفكك الأسرة ، واضاف : المرأة في المجتمعات العشائرية التي تقضي بان ابناء العشائر غالبا ما يحاولون منع اي شخص غريب من ان يتزوج ابنة عمه ويصرون هم على زواجها بغض النظر عما اذا كان هناك تفاهم بين بنت العم وابن العم واضاف  ان مثل هذه الزيجات لم ينجح اكثر من 70 بالمئة منها، ولأسباب كثيرة، أهمها عدم القبول بالآخر الذي فرض نفسه بالقوة، ولذلك فان مستقبل هذا الزواج يكون محفوفا بالمخاطر المتنوعة التي قد تصيب الأسرة، وأخطرها انتقام الزوجة بطرق ووسائل شتى، ونشوء أسرة غير متوازنة ومفككة، واغلب زيجات ابناء العم القسرية التي تستند الى مبدأ – هذا ابن عمك وهو زوج لكِ – ، تؤدي الى انهيار الحياة الزوجية كما يتسبب بتعدد الزيجات لعدم وجود توافق بينهما ، وهو ما يفسر تعدد الزوجات في المناطق العشائرية مقارنة بالمدينة وان هناك الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية التي تظهر بعد شهرين او ثلاثة اشهر ، ومن أبرزها الأكتئاب لذلك يجب تثقيف تلك المجتمعات المتخلفة التي تكون المرأة فيها ضحية للعرف العشائري القاسي .
عادات وتقاليد سلبية
دكتورة علم الاجتماع شيماء العباسي اشارت الى أن هذا النوع من الزواج  أي النهوة العشائرية يتم على اساس العادات ، والتقاليد السلبية المنتشرة في مجتمعنا (القبلي) ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين وهذا النوع من الزواج معمول به الى الان في المدن وليس فقط في القرى والأرياف . وهذا قصور واضح في الوعي لدى ابناء المجتمع ويسيطر تماما على تفكيرهم ويمنعهم من التطور ، أو التوجه نحو اي فكرة بديلة عن هذا المبدأ أو إلغائه من اجل احترام المرأه التي يجب مراعاة حقوقها المشروعة الدينية والدنيوية فالبعض من ابناء العشائر غالبا ما يحاولون منع اي شخص غريب من ان يتزوج ابنة العم ويصرون على زواجها بغض النظر عما اذا كان هناك تفاهم بين بنت العم وابن عمها وان كان يكبرها بعدة سنين فالفارق العمري والتفاهم ليس مهما بالنسبة لهم فضلا عن رضا الفتاة ايضا حيث يجبر الأهل الابنة دائما على الزواج من اقاربها استنادا الى الصله الاجتماعيه من ابناء البيت الواحد او العشيرة حيث تستمد تواصلها من هذه الزيجات وانه في الغالب نرى مصير هذه الزيجات في النهاية هو الفشل ومن ثَمَّ تنتهي الى الطلاق وقسم منها تنتهي بزواج الرجل من زوجة ثانية او ثالثة ، وتصبح ابنة العم ضحية وامرأه هامشية في حياة الرجل مما يستوجب بقاءها في البيت ؛ لاداء واجباتها المنزلية فقط .
وأوضحت الدكتورة شيماء ان القيم الاجتماعية الموروثة التي مازالت سائدة في مجتمعنا الى اليوم على الرغم من التطور والثقافه والانفتاح على ثقافة مجتمعات اخرى ودخول التكنلوجيا بكل اشكالها وانواعها الا ان هذه العادات اخذت تنخر جسد المجتمع والدخول في تفاصيله الدقيقة وهذه التفاصيل اثرت بشكل سلبي على التعامل مع المرأه ككيان مهم وعمود من اعمدة المجتمع .


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه