ايات من القرأن الكريم

وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ

الآية رقم 3

من سورة البلد

01 / 12 / 2016

انتهاك حقوق الطفل

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

ما هو رأي سماحتكم حول ظاهرة تجنيد الاطفال ضمن الجماعات المسلحة واشراكهم واستخدامهم في النزاعات والصراعات المسلحة

 

الجواب:

من المصطلحات التي ظهرت حديثًا وتداولها الناس بكثرة مصطلح “حقوق الإنسان” وإذا كان هذا المصطلح حديثًا فهذا لا يعني غياب مضامينه عن الشريعة الإسلامية، بل وردت تشريعات كثيرة سجلت سبق الشريعة في هذا الجانب.

والمقصود بحقوق الإنسان؛ مجموعة حقوق يمتلكها كل فرد بغض النظر عن جنسيته أو دينه أو لون بشرته، كالحق في الحرية والحق في المساواة أمام القانون، والحق في المستوى المعيشي اللائق، والحق في العمل، ومنها حقوق المرأة وحقوق الشيوخ وحقوق الطفل التي تسأل عنها.

وحقوق الطفل عندنا تمثل كل ما كفَلتْه له الشريعة الإسلامية من حاجات وضروريَّات تضمن له شخصية سوية متكاملة، كحقه في النسب والرضاع والحضانة والنفقة وإحسان التربية والتعليم المتكامل.

وحق الحضانة مكفول لكل طفل، سواء من عاش وسط أبويه أو كان يتيمًا أو لقيطًا أو من ذوي الاحتياجات الخاصة أو اللاجئين والمهجرين والمحرومين من بيئتهم العائلية، مع تحريم الشريعة للتبني.

وقد تحننت الشريعة على الطفل اليتيم وأمرت كل مسلم بذلك، فقال تعالى }فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ{.

ومن ضمن حق التربية لكل طفل؛ حقه في المعاملة الحانية والتي صورها ما ورد عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أنه )قَبَّلَ الْحَسَنَ بن عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بن حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ جَالِسًا، فقال الأَقْرَعُ: إِنَّ لي عَشَرَةً من الْوَلَدِ ما قَبَّلْتُ منهم أَحَدًا، فَنَظَرَ إليه رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قال من لا يَرْحَمُ لا يُرْحَمُ(([1]) فهذا مع ما فيه من معاني الحنو؛ يعني أيضًا حماية الطفل من كل شكل من أشكال الإيذاء أو إساءة المعاملة أو الضرر بما يجعل المكلف يفكر من حاجته للرحمة الإلهية التي تنال برحمة الأطفال والضعفاء.

ومن حقوق الطفل: حقه في الحماية من الاستغلال الاقتصادي، وهذا يستند على عموم قوله r )لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ(([2]).

ومن حقوقه: حقه في الحماية من الحروب وحالات الطوارئ؛ لأن الأعمال القتالية من أشق الأعمال ولا يطيقها الصغار.. وقد وردت روايات في وقائع كثيرة تثبت أن رسول الله r كان يرد الصغار والضعفاء في الغزو ولا يقبل بمشاركتهم، وكان يوصي بحمايتهم؛ فمن وصاياه صلى الله عليه وسلم بالشيوخ والصغار والنساء )انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رسول اللَّهِ ولا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا ولا طِفْلا ولا صَغِيرًا ولا امْرَأَةً(([3]).

هذه باختصار بعض حقوق الطفل في الإسلام والمقام لا يحتمل التفصيل والتطويل، وما يقوم به بعضهم من توريط الأطفال في أعمال عسكرية؛ لا يمثل حكم الشريعة، بل هو اعتداء على حقوق الطفولة من جهة، وتشويهٌ للدين الحنيف من جهة أخرى.

فبدل أن نفكر بأن نعطي أطفالنا حقهم في التربية الفاضلة والأخلاق الراقية والتعليم العالي ليكونوا أدوات بناء؛ يزجون في مطاحن الموت وهم لم يدخلوا الحياة بعد، وهذا لا يرضى به الدين، ولا يقبله العقل السليم تحت أي تبرير.

 

([1]) رواه البخاري 5/2235، برقم 5651، ومسلم 4/1808، برقم 2318.

([2]) أخرجه ابن ماجه 2/784، بَاب من بَنَى في حَقِّهِ ما يَضُرُّ بِجَارِهِ، برقم 2340

([3]) أخرجه أبو داود 3/37 برقم 2614.

الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار

عضو الهيئة العليا للمجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والافتاء

نائب رئيس مجلس علماء العراق


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه