19 / 05 / 2014

ساعة القشلة… أرث حضاري يحاكي نهر دجلة ، وميدان للمثقفين والعوائل البغدادية...

كانت وما زالت شاهداً على الأحداث السياسية والتأريخية

تقرير : محمد عبد الواحد

لقد عرفت بغداد بساعاتها الكبيرة ذات الأبراج العالية مثل (ساعة الأعظمية ،والكاظمين، والمحطة ، وبغداد ) ، لكن ساعتنا التي تناولناها في هذا التقرير تحاكي نهر دجلة ، ورافقت بغداد أكثر من قرن ونصف القرن فكانت شاهداً على كل الأحداث التأريخية والسياسية التي شهدتها البلاد ، عاصمة الرشيد ساعة القشلة إحدى أبرز معالم مدينة بغداد اذ اعتادت العوائل البغدادية على سماع أصوات اجراسها التي تعبر عن الزمن الجميل.

مجلة الرسالة الإسلامية زارت هذه الساعة التي تعبر عن أرث حضاري يعتز بها العراقيون جميعا .

تاريخ النشأة

الباحث التاريخي محسن عبد المجيد ذكر ان المصادر التاريخية تروي أن أول من بنى القشلة كان والي بغداد محمد نامق باشا سنة 1850 ميلادية وأكمل البناء بعده الوالي مدحت باشا، الذي شيد ساعة القشلة ذات الأوجه الأربعة وبنى لها برجا يبلغ ارتفاعه قرابة 23 مترا لإيقاظ الجنود وإعلامهم بأوقات التدريب العسكري.

وقد شهدت ساحة القشلة تتويج أول ملك للعراق في العصر الحديث، وهو الملك فيصل الأول بن الحسين، وذلك في (23 أغسطس آب) سنة 1921 ميلادية.

وارتبط تاريخ الساعة الأثرية ببناء القشلة (الثكنة العسكرية وسراي الحكومة فيما بعد) وجاءت الكلمة من(القشلاغ)، وهي كلمة عثمانية تعني (المكان الذي يسكنه الجنود العثمانيون ) .

تأهيل موقع القشلة

خلال تجوالنا في ساعة القشلة التقينا محافظ بغداد السابق السيد صلاح عبد الرزاق ووجهنا له سؤالاً فيما اذا كانت هناك خطة وضعت لتأهيل الساعة وإعادة ترميمها ؟ فأجاب: ان محافظة بغداد قامت بإعادة تاهيل القشلة والبرج والساعة ، وكذلك بناية المحاكم القديمة وتحويلها الى المركز الثقافي البغدادي الذي يستقطب عدداً كبيراً من الفنانين، والإعلاميين، والمؤرخين، والباحثين، والمؤلفين، والرسامين ، ومنظمات المجتمع المدني، والاتحادات والنقابات .

وأشار الى ان ساعة القشلة كانت تعاني من الإهمال حتى وصلت الى درجة الإندثار تدريجيا وكانت ساحاتها وحدائقها عبارة عن حشائش ميتة واشجار مهملة حتى لاتكاد تعرف معالمها كما لم يكن بالإمكان مشاهدة نهر دجلة بسبب النباتات التي اعتلت السياج وقد قمنا بزيارتها عدة مرات ولفتنا نظر المسؤولين الى هذا الصرح المميز.

وأوضح ان المحافظة بدأت بتأهيل البرج , إذ وجدنا انه تعرض لعملية ترميم سابقة تمثلت باستخدام السمنت في تغطية الجزء الأسفل منه فتقرر إزالة طبقة السمنت واستبدالها بالطابوق والجص وبالمواد نفسها التي بني بها البرج أصلاً ، بعد ذلك تم تجديد واجهات البرج وإزالة الأوساخ ، كما تم ترميم شباك الساعة، واستبدال الزجاج المكسور، وتنظيف الاطار، وعندما أردنا تشغيل الساعة وجدنا ان بعض اجزائها مفقودة ما اضطرنا الى صنع مسننات باستخدام سبائك جديدة .

بعدها تم ترميم السلم الداخلي وإنارته وترميم قاعدة البرج ايضا واستخدام الطابوق الفرشي الذي جلبناه من محافظة كربلاء لعدم توافره في بغداد فضلا عن قلع النباتات والحشائش الميتة، وزراعة الحدائق بالعشب (الثيل) والزهور ، ونباتات الزينة، و نصب منظومة سقي تحت العشب، فضلاً عن نصب النافورات والإنارة ، كما تم ترميم المنصة وأعمدتها ووضع العربة الملكية ، وتأهيل المماشي باستخدام الطابوق المفروش والمباشرة بنصب البوابة الحديدية المشابهة لبوابة قصر ، واضاف : اما البناية القديمة للقشلة فجرى تأهيل الجزء الشرقي؛ لتكون مطعما و(كافتيريا) وبمواصفات حديثة مع تأهيل القاعات والسلالم والشرفات والممرات للطابقين الأول والثاني، وإنارتها بالفوانيس التراثية ونصب 12 مدفعا قديما بجوار نهر دجلة قدمها وزير السياحة والاثار هدية الى المبنى .

وسيلة لجذب السياح

مدير موقع القشلة السيد اكرم العزاوي قال تقوم وزارة السياحة والاثار بإدراة جميع المعالم الأثرية في العراق، فتقوم بالحفاظ عليها عن طريق ترميم هذه المعالم ومن تلك المعالم هي القشلة والتي تتضمن ساعتها المشهورة وأبنيتها المحيطة بها واضاف: نحن عازمون على ترميم جميع المواقع الآثرية ما يجعلها وسيلة جذب للسياح .

دعوات للاستثمار السياحي

اما المحامي حسن علي قال نرجو ان تستثمر القشلة سياحيا لاسيما تأمين بعض الخدمات للسائح , فضلاً عن ان هناك بعض الملاحظات الفنية التي نأمل ان تأخذ بنظر الاعتبار كالأعمدة الخشبية التي كان الأجدر ان تمتلك صفة تراثية قديمة بدلا من اشكالها شبه الحديثة ، علاوة على ذلك كان من المهم ايضا ترميم العربة الملكية الموجودة بشكل أفضل مما هي عليه الآن ، داعيا السادة المسؤولين ان يهتموا بالمعالم التأريخية الموجودة في العراق؛ لأن السياحة في الدول الأخرى هي مورد مادي وفير لتلك الدول .

حماية المواقع الآ ثرية مسؤولية مشتركة

المخرج محسن العامري أوضح ان العوائل تتوافد وبشكل كبير خصوصاً في أيام العطل الى هذا الموقع الجميل ويتمتعون بالمناظر التي تذكرهم في امجاد مدينتهم وخصوصاً عندما ينظرون الى ساعة القشلة وهي تحيهم بدقات اجراسها ، مشدداً على ضرورة الحفاظ على هذا الموقع الأثري من المسؤولين والمواطنين .

منتجع يجمع التاريخ بالثقافة

وسط الاقبال المتنوع ومن مختلف الشرائح داخل ساحة القشلة كانت لنا وقفة استطلاعية شملت أراء بعض الحاضرين ، فكانت وقفتنا الأولى مع الشاعر احمد النائل الذي قال : أشعر براحة النفس، وصفاء الذهن عندما أزور هذا المنتجع الذي يجمع بين التاريخ والثقافة ، فموقع القشلة جدار حر لابد من زيارته من اجل التعبير عن أراء الناس البسطاء .

اما المواطنة ام عمر من منطقة السيدية قالت: انني آتي مع عائلتي الى ساعة القشرة لتتنعم في معالم هذه الساعة الأثرية التي اصبحت متنزه للعوائل البغدادية ، داعية الى ضرورة الاهتمام بهذا المعلم الجميل الذي يعبر عن أصالة مدينة بغداد .


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه