19 / 05 / 2014

قنوات الأطفال … خطر هائل يهدد رجال المستقبل

تحقيق : محمد عبد الواحد

الأطفال رجال المستقبل ؛ ولذلك لابد من الاهتمام الكبير بهم من خلال تعليمهم بشكل جيد وغرس تعاليم ديننا الحنيف وحب نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في أذهانهم من اجل تخريج اجيال قادرين على صنع الامجاد لهذه الأمة ، فأعداء الإسلام اليوم يشنون حملات كبيرة تستهدف الأجيال القادمة ، فهم يتعرضون لعمليّة غزو فكريّ وثقافيّ هائل ، من خلال وسائل الإعلام وخاصة القنوات الفضائية المتخصصة التي تقوم ببث افلام كارتونية تحتوي على طقوس ورموز ماسونية اوشعار الصليب مخالفة لديننا الإسلامي.

إن آخر الاحصاءات الت سجلتها جمعيات متخصصة اشارت الى ان الطفل العربي يقضي 33 ساعة اسبوعيا في فصل الصيف ، و 24 ساعة أسبوعيا في فصل الشتاء .

مجلة الرسالة الاسلامية قامت بفتح هذا التحقيق الخطير الذي يهدد الأجيال الحالية والقادمة.

قنوات تجارية هابطة

بداية لقاءاتنا كانت مع الاستاذ اياد الدليمي ماجستير في أدب الاطفال : (( ان تعدد القنوات الفضائية التي تقدم مواد فلمية خاصة للأطفال، هو امر جيد لو أنها كانت تهدف الى ترسيخ قيم نبيلة لدى الاطفال ، غير ان الأمر ليس كذلك فهي قنوات تجارية بحتة تبحث عن الربح )) .

وأشار ان هذه القنوات تقوم بانتاج مواد هابطة قليلة التكلفة خالية من المحتوى ، موضحا ان خطر مثل هذه القنوات قد لا يكون مباشراً ولكنه خطر تدريجي يظهر على تصرفات الأطفال لاحقا، فعلى سبيل المثال ان بث مواد العنف التي باتت تزخر بها قنوات الاطفال ستؤدي الى انشاء جيل محب للعنف ، ناهيك عن بعض اللقطات التي تعبر عن مضامين ورؤى لا تتناسب مع مجتمعاتنا المسلمة .

 

كما قلت ان هذه المواد المعروضة في الغالب لاتمر عبر اية لجنة للاختبار والتقويم؛ وانما الهدف هو هدف ربحي بحت بدلاً من ان تكون المواد التي تقدم للاطفال مواد تثقيفية تتلائم مع العادات والتقاليد .

 

التأثير على نشأة الطفل

بدوره قال الباحث الاجتماعي منذر الهيتي : ان الأفلام الكرتونية التي كانت تعرض في السابق كانت ذات هدف معين وواضح، وكانت موافقة لعقلية الطفل الصغير، أما الآن فإنه نظرا للنضج الثقافي والانفتاح الإعلامي أصبحت تلك المسلسلات الكارتونية بعيدة أبعد ما تكون عن الواقع، فقد اقحم فيها الخيال بشكل كبير وأصبحت فيها معان بارزة تمس نشأة الطفل بل وتؤثر على معتقداته الدينية، كيف لا وهو يرى تلك الشخصية الكرتونية وقد خلقت شخصية جديدة مع اننا نغرس في عقول أبنائنا ان الخلق بيد الله – عزّ وجل- وحده وانه ليس بمقدور أي انسان ان يخلق شيئا مهما بلغ من التقدم ، هذا علاوة على تلك الحوادث التي أصبحنا نسمع عنها ونرى من أطفال قضوا نحبهم نتيجة متابعتهم لبعض برامج الكرتون، فكم من طفل ألقى بنفسه من علو وارتفاع كبيرين أسوة بفعل شخصيه كارتونية تعلق بها ، هذا عدا استخدام أساليب كلامية نابية من المفروض ان نبعد عنها الاطفال مثل ( وقح ، غبي ، حقير … وغيرها) فهناك ألفاظ تجعل المرء يتيقن تمام اليقين ان هنالك محاربة حقيقية للغة العربية الفصحى وبشكل واضح وصريح، وأبرز دليل على ذلك مسلسل (تيمون وبومبا) الذي يشتت عقلية الطفل ما بين اللغة الفصحى والعامية. وأعتقد انه إما ان يتم التعريب بشكل صحيح وباللغة السليمة أو ألا يتم ذلك حفاظا على لغتنا العربية التي نستقيها من القرآن الكريم، فهناك برامج هادفة وباللغة العربية الصحيحة، وأبرزها برنامج (افتح يا سمسم) التعليمي الترفيهي، وبرنامج (سلامتك) التثقيفي، ما يدل على وجود طاقات بشرية كبيرة يقابلها وفرة مادية متميزة، داعياً الى ضرورة تكوين لجنة تضم مؤسسات اعلامية ومختصين من علماء نفس واجتماع وتربويين وعلماء دين لبحث انتاج برامج كرتونية هادفة للأطفال.

 

عنف غير مبرمج

الدكتور زيد جاسم المتخصص في علم النفس يرى ان مسألة مكوث الأطفال أمام شاشات التلفزيون لوقت طويل واحدة من أكبر المشكلات التي يشتكي منها اولياء الامور ، والتي لا يكاد يخلو منها بيت في مجتمعنا المعاصر، حيث يقضي الأطفال في عالمنا العربي ما يزيد في فصل الصيف عن 33 ساعة أسبوعياً وفي فصل الشتاء 24 ساعة وما لذلك من آثار نفسية واجتماعية مختلفة ، ويعد الدور التربوي للمحطات التلفزيونية الفضائية على الأطفال والمراهقين دورا مهما في بناء الوطن والولاء والانتماء وبالإمكان استخدام تلك الفضائيات في غرس سلوكيات ايجابية من خلال تعميق سلوك الفضيلة وحُسن التصرف وقيم الخير وحب العمل والمثابرة والطموح وهنا فإننا نشير الى تلك الفضائيات بايجابية واضحة لا يمكن إنكارها، وفي نفس الوقت هناك سلبيات تقلب المفاهيم لدى الاطفال على أسس غير سليمة ، خصوصا وان الطفل يتعرض للكثير من الأفكار المتناقضة والآراء المتضاربة وصولا الى (عنف غير مبرمج ) ، كذلك فإن الرسائل المبعثرة التي تصل الى مخيلة الطفل ستربك ما لديه من علاقات اسرية وصولا الى مستقبل سلبي نتيجة تأثره بما يسمع ويطيع ويقلد من خلال ما يعرض أمامه دون أدنى جهد يبذل للفرز أو الانتقاء خصوصا وان البرامج التي صنعت في ثقافات مغايرة وخطيرة تمنع الطفل حتى من التفكير السليم ما يؤدي إلى زيادة الاضطرابات العاطفية والسلوكية للأطفال والمراهقين ، والتي تصل بهم الى الاكتئاب والقلق والاضطراب السلوكي والخوف والارهاب الاجتماعي نتيجة للغزو الثقافي الغربي .

 

تشويه افكار الصغار

مديرة روضة (ورود المحبة ) زينب عباس فاضل قالت : (( ان قنوات الاطفال أسهمت في تشويه أفكار الصغار من خلال أفلام الكارتون التي تشجع على العنف فنرى اليوم ارتفاع نسبة الجرائم في المجتمع فعلى سبيل المثال قناة mbc3،space toon عندما تتابع افلامها ترى اغلب تلك الأفلام مثل ( رجل الوطواط، سوبر مان ) تشجع على العنف والقتل فأصبحت الأسلحة مثل السيف والرمح والرشاش امر عادي وجميل .

حقيقة كارتون (( توم وجيري ))

توم وجيري فلم كارتوني شاهده أجيال من الأطفال فحقيقة هذا الفلم أنه ( الفأر الذكي الذي يجسد شخصية اليهودي وعقليته ، اما القط الغبي يصوره الفلم بعقلية العربي ، والكلب القوي الذي ينقذ الفأر هي أمريكا ) ؛ لذلك على الجميع ان يتحمل المسؤولية وخاصة أولياء الأمور الذين يجب عليهم ان يمنعوا أطفالهم من متابعة تلك القنوات والحفاظ عليهم من خلال تسجيلهم في الروضات التي تغرس العادات العربية الأصيلة ومفاهيم الدين الإسلامي ؛ لذلك على وزارة الثقافة إقامة المؤتمرات والندوات التعريفية للغزو المسلط للأطفال ، وأيضا على الأئمة والخطباء إرشاد الناس وتنبيههم على خطر تلك القنوات من اجل الحفاظ على الجيل القادم .

 

غياب الجهات المسؤولة

مدير مدرسة الأعظمية وامام وخطيب جامع نجيب الشيخ عدنان النعيمي اوضح ان وزارة التربية لم تتخذ اية اجراءات فيما يخص الفضائيات المسيئة والخادشة للحياء فلا توجيه ولا إعمام كتب رسمية ، ولا ندوات او مؤتمرات وكأن الأمر لا يعنيها ، ولكن إدارات المدارس وبتحرك متباين بين إدارة وأخرى تبعا لالتزام الكادر التدريسي والإداري ، وبحكم العادات والتقاليد الموروثة خاصة في المناطق القديمة والأصيلة والتي يغلب عليها الطابع الديني ، فإن هذه الإدارات تحركت بشكل فردي في التوجيه للحد من ظاهرة متابعة الفضائيات او الصفحات المسيئة والخادشة للحياء على النت كذلك.

واشار بان أعداء الاسلام يريدون وضع حاجز كبير بين نبيه الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم . وبين الاجيال القادمة وهذا الحاجز لا ينجح إلاّ إذا استهدفت الأخلاق حيث هي من اولويات مبعثه عليه وعلى آله واصحابه الصلاة والسلام (( انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق )) .

 

دور المسجد

وتابع الشيخ عدنان النعيمي حديثه بقوله إن دور المساجد اليوم دور مهم وخطير في محاربة مثل هذه الظواهر الدخيلة وتبدأ من منبر الجمعة الى محاضرات المحراب الى اللقاءات الخاصة بين الإمام والمصلين الى احتواء الشباب والصبية في حلقات وممارسات وانشطة فعالة تحاكي الشارع، وتواكب التطور ، وتتقيد بالثوابت السامية لديننا الحنيف ومنهج نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ونحن في مسجد نجيب ادركنا هذا الخطر مبكرا ، فعملنا على وضع خطط مبرمجة لاحتواء الصبيان والشباب في المسجد والذي يتضمن اقامة دورات تقوية للمواد الدراسية ، وبطولات رياضية مستمرة لكرة القدم ، وسفرات ترفيهية جماعية للصغار والكبار .

 

دراسات طبية

هناك العديد من المشاكل الطبية التي تسببها كثرة المشاهدة لتلك الافلام ومنها :

1- السمنة : إنّ الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون يومياً لمدّة تزيد عن ساعتين هم أكثر عُرضة للإصابة بالسُمنة مقارنةً بغيرهم.

2- النوم غير المنتظم : كلما زادت عدد ساعات مشاهدة الطفل للتلفزيون كلما زاد رفضه للنوم مبكراً، ومع مرور الوقت يحدث خلل في نومه ما يؤدي إلى الأرق ومشاكل في النوم فيما بعد.

3- التغيرات السلوكية: إن الأطفال الذين يشاهدون التلفزيون أكثر من ساعتين في اليوم يعانون من إضطرابات نفسية واجتماعية ويعانون من إضطرابات في التركيز.

4- التحصيل الدراسي : لُوحظ انخفاض المستوى الدراسي لدى الطلاب الذين لديهم جهاز (تلفزيون) في غرفتهم عن الطلاب الذين لا يمتلكونه … ولذلك فهو يمثل أكبر عامل من عوامل التراجع وعدم التفوّق الدراسي.

5- العنف : كثرة مشاهدة الأطفال للمشاهد التي يتخلّلها العنف ، تجعلهم يعتادون على التعامل بشكل عنيف مع أصدقائهم و يستخدمونه طريقه لحل مشاكلهم ويصبح جزء من حياتهم الطبيعية.

6- قلة الوقت للعب مع الأصدقاء : كلما زاد وقت المشاهدة عند الأطفال للتلفاز قلّ وقت اللعب لديهم ومن ثم تقل تنمية مهارتهم ومواهبهم، وبالتالي انخراطهم في المجتمع الخارجي أيضاً، وقد يعانون من العزلة إذا تفاقمت ساعات جلوسهم لوحدهم على (التلفزيون).


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه