15 / 03 / 2015

لنتخذ من ذكرى مولدك الميمون حافزاً الى وحدة العالم الإسلامي...

د .جلال جميل سلمان

كنت أتمنى لو أن الشعر يسعفني بتسطير مناقب خاتم الأنبياء،المبعوث بالحق الى العالمين كافة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم،(( وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)) (سورة النجم : 2 – 11).

انه اعجازعلمي ديناميكي وروحي،حيث يتطرق فيه الى لقاء الله – عزوجل- وقائد الجمع المؤمن يتوق اليه ويتمناه وهو راض عنه غير غضبان كما يشير الى الزمان والمكان ووسيلة الذهاب والإياب افقياً ومن ثم عمودياً.وهذه لعمري تذهل العقول والإمكانيات الخارقة، التي لا يقوى على أدراكها إلا من آمن بالله واليوم الآخر. وهذا رد صريح على المتقوليين من أن ما يحصل هو بفعل الطبيعة من الوجوديين والعلمانيين والفزيوقراطيين، ومن سواهم، ويختزلون دور مسبب الأسباب،ورب الأرباب بأن تصميم الكون وحركة القمر والشمس والأرض وباقي حركة الكواكب السيارة والنجوم، وانتحار بعضها بنظام دقيق، وبتقدير منه وحده تعالى.انها ارادة ربانية خارقة وجبارة .

أما الكلام عن المحبوب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، فلا نستطيع أن نعطيه حقه حتى لو كان المدون أشد حباً له، ولو دونا المجلدات وكتبنا الكتب، وواصلنا الليل بالنهار، وتأملنا وفكرنا ملياً فلا نستطيع أن نعطيه حقه فديتك بأمي وأبي يارسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ويا أجود وياأكرم وياأطهر قلب وياأنبل مخلوق؛ فضائلك عظيمة ، ومناقبك كثيرة ونبيلة، وروحك طاهرة ونقية، وأخلاقك سامية، وحبك لأمتك فاق كل الحدود فهل سنوفيك بجزء من الدين؟.ونذود عنك في زمن الإنحدار القيمي والأخلاقي العالمي بقيادة القطب المتوحش الهائج الأول.الذي فقد صوابه في زمن انبطاح غير معهود؟..لك أشكو حيلتي وضعفي وهواني بعدما زادت عدم المبالاة في أمتي، وسقطت الغيرة عن البعض، وأصبح الولاء لغطآ كثيرآ بفعل قليل، وباسم على غير مسمى، وهرولة وتناخي وراء الأعداء أولياء نعمتهم!!،تفتح لهم الخزائن وتغلق بوجه أبناء الأمة.تشرفت بزيارتك فبكيت، فدعيت وسجدت، وختمت كتاب الله، وقلت ما عساني أن يمن الله علي بكرمه أن ألقاك مجاهداً لا بالحجة فقط، بل بالفعل نذود عنك وعن دينك العظيم، وأنا أحاول أن أزرع الخصال الطيبة من نفوس الجيل ما استطعت عليه في زمن الإنهزامية، والفتنة والغوغاء ماذا سيقول لنا النبي الأكرم؟. والأعداء متوحدون والمسلمون متفرقون، انها الفتنة بعينها لعن الله من أيقظها ؛ لأنها ذبحت أمة خير الأنام،وهو علينا غضبان..والسؤال أين الحكماء والعقلاء، وأين أهل الحل والعقد، والمسؤولون عن وقف النزيف والهدر ضد من يشتتون مجهودات أبناء الأمة ويضعفونها بقصد أو من دونه.وهل يعلمون أن الجميع مسؤولون أمام الله حكاماً ومحكومين عن الذنوب المقترفة لأمة بلغ تعدادها اليوم مليار وسبعمائة وخمسين مليون مسلم، أي ما يقارب ضعف ونصف سكان الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا مجتمعة.وهنا يعيد الينا أمير الشعراء(أحمد شوقي) فيقول في ولادة الحبيب والصادق الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:-

ولد الهدى فالكائنات ضياء                          وفم الزمان تبسم وثناء

الروح والملأ الملائك حوله                             للدين والدنيا به بشراء

والعرش يزهو والحظيرة تزدهي                 والمنتهى والسدرة العصماء

وحديقة الفرقان ضاحكة الربا                    بالترجمان شدية غناء

والوحي يقطر سلسلاً من سلسل                 واللوح والقلم البديع رواء

نظمت أساقي الرسل فهي صحيفة               في اللوح واسم محمد طغراء

اسم الجلالة في بديع حروفه                       ألف هناك واسم طه الباء

ياخير من جاء الوجود تحية                       من مرسلين الى الهدى بك جاؤوا

بيت النبيين الذي لا يلتقي                         الا الحنائف فيه والحنفاء

خير الأبوة حاز هم لك آدم                           دون الإناء وأحرزت حواء

انها نعمةٌ مَنَزَّلة من الرحمنِ الى خير أمة أنزلت للناس تأمر بالمعروف ، وتنهى عن المنكر والبغي.ولهذا فقد ناصبها الأعداء من دون عداوة منها، إنه الصراع بين من لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ويكره العروبة التي هي مادة الإسلام. فكان الصراع على أشده بين أمة أكرم الأكرمين، وبين أرذل الأرذلين ، وبين الحق والباطل، وبين الخير والشر، وما بين أمة الإصلاح ضد أمم الفساد والإفساد… فهو صراع أزلي ما بين الخير والشر، ولن تضع الحرب أوزارها، ولا يخفف أوارها الا بعودة الجميع الى الله تعالى.اذ لا ملجأ ولا منجي إلا الى الله الواحد القهار، وبالعودة الى تدبر كتاب الله – عزوجل – وسنة نبيه الأمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم منهاجاً، ومصداقاً لقوله تعالى بحق حبيبه: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)) (الاحزاب : 21).

فما أبهى هذه الهدية ! والعطية ، والنعمة ، التي خص بها أكرم الأكرمين، وما أعظمك سيدي وأنت تتبوء أعظم منزلة، بعدما ضحيت من أجل رفعة أمتك وعزتها، لتتبوء مكانة متقدمة نجح الأعداء للأسف في وضع العصي في دولاب تقدمها، وتفتيت شعوبها فرادى حتى تواجه كل دولة قدرها بمفردها.وهذا مايؤكد نظرية المؤامرة المحبوكة جيدا ، بالرغم من الأبواق النشاز، التي حاولت نفيها.والحقيقة أنها مؤامرة يشارك فيها الصغار والفجار والأراذل انتقاماً من الأمة الإسلامية .

فما أعظم هذه النعمة،وما أعظمك يارسول الله صلى الله عليك وعلى آلك وصحبك وسلم أعلى شأنك ومقامك المرفوع من الخالق جل في علاه من الآذان فالأقامة الى الصلاة وختمتها ب(التحيات) ،ومن صلى عليك تحسب له بعشر، وفي يوم الجمعة(عيد المسلمين) تعرض على ملائكة الرحمن.

كما خصه بالعصمة المتأتية من كمالات الدنيا والآخرة،وطهارة القلب، مالم يمنحها الى غيره لا من قبل ولا من بعد.أحبه الله – عزوجل – وأثنى وتغنى بأخلاقه بقوله تعالى: ((وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (القلم : 4).كما أعطاه الله شرف النسب وكمال الخلقة والخلق والجمال في الهيئة والصورة، والنفس وقوة العقل وصحة السمع والفهم، وفصاحة اللسان وقوة الحواس والأعضاء، وطهارة القلب والأخلاق العلية والآداب الشرعية من الدين والعلم والحلم والصبر والزهد والشكر والعدل والقبول بالطاعة والتواضع، والعفو عند المقدرة، والعفة والجود والشجاعة والحياء، والمروءة والصمت والتؤدة والوقار والهيبة والرحمة،وحسن المعاشرة مع الجميع والسؤال:لماذا هذا العداء إذاً لأفضل مخلوق رباني؟ولأفضل أمة أخرجت للناس(أمة المحمود)؟

وأخيراً، سيدي ان العبد الفقير الى الله من المحبين اليك قولاً وفعلاً بما يعلمه الله تعالى ولايستطيع أن ينصفك مهما قال وكتب في مناقبك،التي فاقت خصال ومناقب جميع أنبياء ورسل الله – جل جلاله – وصلى الله عليهم جميعآ. فهو دَيْنٌ كبير في أعناق المسلمين أولآ وغيرهم ثانيآ.وشريعتنا تأمرنا برد الدين كاملآ.ونحن نعاني من الهوان والأزدواجية نقول ما لانفعل.اللهم باعدنا عن أعداء دينك كما باعدت بين المشرق والمغرب.ونصلي عليك ياحبيبنا ويا حبيب الله، وامنحنا صبراً في آخر الزمان، الذي بدأت علائمه الصغرى جلية، والكبرى ستصلنا تباعاً بما تنبأ بها حبيب الله، ومنها الهرج والمرج، ومنع الصلاة وقتل العلماء…صلى الله عليك يوم ولدت، ويوم بعثت وجاهدت في الله حق الجهاد الى أن أتاك اليقين.ويوم قبضت ،ويوم تبعث حياً ياسيدي يا رسول الله صلى الله عليك وعلى آلك وصحبك وسلم وخير الأعمال بخواتيمها من الدروس والعبر من مسيرة خير الأنام،وأشرف خلق الله.أن عيدك سيدي..هو عيد للأنسانية، التي تبحث عن الملاذ القيمي والسلام .


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه