ايات من القرأن الكريم

أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ اللّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ

الآية رقم 49

من سورة الأعراف

13 / 08 / 2015

متزوجة من شخص يسبها ويتكلم عن أهلها بكلام غير مقبول، ويمنعها من زيارة أهلها ويقول متى ما ي...

السؤال :

السلام عليكم متزوجة من شخص يسبها ويتكلم عن أهلها بكلام غير مقبول، ويمنعها من زيارة أهلها ويقول متى ما يعجبني أجعلك تذهبين، وهو دائما يكفر ؟

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الإسلام يأمر بحسن العشرة بين الزوجين سواء كانا متحابين أم لا وفي ذلك يقول الله تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} النساء19 وحسن العشرة يعني الإكرام والمحبة والقيام بواجبات الحياة الزوجية، فإن كره فيها خلقا فليمسكها وليصبر ففي صبره خير كثير له ولها، وفي الحديث (لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مؤمنة إن كَرِهَ منها خُلُقًا رضى منها آخَرَ أو قال غَيْرَهُ)([1]) ومعنى يَفْرَك: يبغض أي ينبغي للمؤمن أن لا يبغضها لأنه إن وجد فيها خلقا يكره وجد فيها خلقا مرضيا، وهذا من حسن المعشر ونبل المعاشر.

أما المداومة على سب الزوجة أو أهلها فليس من خلق المسلم من جهة لأنه ليس بسباب ولا طعان ولا لعان، وهي فسق أيضا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ)([2]) ومعنى الفسق الخروج عن طاعة الله ورسوله وهو أشد من العصيان ودون الكفر، قال الله تعالى {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} الحجرات7 فتدرج من الأكبر وهو الكفر ثم الكبير وهو الفسق ثم دونه المعصية.

ففي الحديث تعظيم حق المسلم والحكم على من سابه بغير حق بالفسق والزوجة وأهلها لهم حق المصاهرة مع حق الإسلام.

واستبداد لزوج في استعمال حقه ومنعه لامرأته من زيارة أهلها بالتشهي استبداد غير جائز لأن فيه قطع لصلة الرحم وقد ذم الله الَّذِينَ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ، وفيه عقوق للوالدين وهو من أكبر الكبائر بعد الشرك.

وقد وجد عند العلماء تفريق بين التحدث مع أهلها وزيارتهم، فهم يكادون يتفقون على عدم جواز منعه الحديث مع أهلها، وعليه لا يحق له منعها من الاتصال بهم هاتفيا ومحادثتهم.

أما زيارتها لهم فالحنفية يفرقون بين زيارتها للوالدين وزيارتها لبقية المحارم كالأخوة والأخوات وذراريهم، فلا يجوز له أن يمنعها من زيارة أحد والديها إذا كان مريضا ويحتاج إلى خدمتها، ويجوز لها أن تعصي الزوج هنا ولو كان الوالد الذي يحتاج للخدمة غير مسلم.

أما في الظرف العادي فيجوز لها تَخْرُجُ لزيارةِ الْوَالِدَيْنِ بحسب العرف كأن تكون في كل أسبوع مرة بِإِذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلِزِيَارَةِ الْمَحَارِمِ لا يجوز أن تكون في أكثر من سَنَةٍ مَرَّةً بِإِذْنِهِ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ، لأنها فوق السنة تعد هاجرة لهم، وَأَمَّا الْخُرُوجُ لِلْأَهْلِ مما كان زَائِدًا على ذلك فَلَهَا ذلك بِإِذْنِهِ([3]).

وعند المالكية ليس للرجل أن يمنع امرأته من الخروج لدار أبيها وأخيها ولو بلغت القضاء يقضى عليه بذلك([4]) ويمنعه القاضي من منعها.

والعلماء مع خلافهم في جواز طاعة الزوج أو معصيته في زيارة أهلها إلا أنهم متفقون تقريبا على أنه إن فعل فهو عاص، فالاستبداد حرام في السياسة وفي الحقوق.

وأما الكفر بالله عز وجل فقد أجمع العلماء على أن من سب الله عز وجل أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سب القرآن أو دفع شيئا أنزله الله أنه كافر، ومن أحكام المرتد الفرقة بينه وبين امرأته(43) وقد دلَّ على الفرقة بينهما إن كان أحدهما كافراً، قوله تعالى: ﴿لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّالممتحنة10. ولا ترجع له امرأته حتى يتوب ويعاهد الله أن لا يعود لهذا الكفر والعياذ بالله.


([1]) رواه مسلم 2/1091، حديث رقم 1469.

([2]) رواه البخاري 5/2247، بَاب ما يُنْهَى من السِّبَابِ وَاللَّعْنِ، حديث رقم 5697. صحيح مسلم 1/81، بَاب بَيَانِ قَوْلِ النبي صلى الله عليه وسلم سِبَابِ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ، حديث رقم 64

([3]) انظر: ابن نجيم، البحر الرائق 4/212.

([4]) انظر: محمد بن يوسف العبدري، التاج و الإكليل لمختصر خليل4/185

الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار

عضو المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء

للدعوة والإفتاء

عضو المجلس العلمي المركزي


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه