30 / 12 / 2014

ملف كامل عن شهر، فضلُه، أحكامُه، وصيامُه ولماذا يُعدُّ شهرُ محرم أفضل َ الشهور الحُرُمِ...

يوسف داخل ، وسام محسن

يعد شهر المحرم هو أول شهر من الأشهر الهجرية وأحد الأشهر الأربعة الحرم وقد تبين لنا نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحكام هذا الشهر الواردة في كتاب الله – تعالى – أو في السنة المطهرة ومن أهم هذه الأحكام مايأتي :

أحكام شهر محرم :

لشهر محرم عدد من الأحكام التي بينها الشيخ الدكتور ياسين الدليمي ومن بينها :

أولاً : تحريم القتال فيه :

إنَّ أحكام َ شهر الله المحرم هو تحريم ابتداء القتال فيه فقد قال ابن كثير – رحمة الله – : وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام هل هو منسوخ أو محكم على قولين :

أحدهما : وهو الأشهر أنه منسوخ لأنه – تعالى قال – : ((فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)) ( سورة التوبة الآية :36) وأمر بقتال المشركين .

والقول الآخر : أن ابتداء القتال في الشهر الحرام حرام وأنه لم ينسخ تحريم الشهر الحرام لقوله – تعالى- : (( الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)) ( سورة البقرة الآية : 194) . وقال : ((فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ)) (سورة التوبة الآية :5) .

وقد كانت العرب تعظَّمه في الجاهلية وكان يسمى بشهر الله الأصم من شدة تحريمه .. والصوم في شهر محرم من أفضل التطوع ، فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال : ( أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل ) .

ثانياً : فضلُ صيامِه

إنَّ رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بين فضل صيام شهر الله المحرم بقوله : (أفضلُ الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ) . واختلفَ أهلُ العلم – رحمهم الله – في مدلول الحديث ؛ هل يدل الحديث على صيام الشهر كاملاً أو أكثره ؟ وظاهر الحديث – والله أعلم – يدل على فضل صيام شهر محرم كاملاً ، وحمله بعض العلماء على الترغيب في الإكثار من الصيام في شهر المحرم لا صومه كله ، لقول عائشة – رضي الله عنها – : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم استكمل صيام شهر قط إلا رمضان ، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان ) ، ولكن قد يقال إن عائشة – رضي الله عنها – ذكرت ما رأته هنا ولكن النص يدل على صيام الشهر كاملاً .

أما فضل صيام يوم عاشوراء فقد دل عليه حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رواه أبو قتادة – رضي الله عنه – وقال فيه سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن صوم يوم عاشوراء ؟ فقال : ( أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ) . ولو صام المسلم اليوم العاشر لحصل على هذا الأجر العظيم حتى لو كان مفرداً له من غير كراهة خلافاً لما يراه بعض أهل العلم ، ولو ضم إليه اليوم التاسع لكان أعظم في الأجر لما رواه ابن عباس – رضي الله عنه – أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال : ( لأن بقيت أو لأن عشت إلى قابل لأصومن التاسع ) .

وأما الأحاديث التي وردت وفيها صيام يوم قبله وبعده أو صيام يوم قبله أو بعده فلم يصح رفعها للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والعبادات كما هو معلوم توقيفية لا يجوز فعلها إلا بدليل وقد يستأنس بما ورد في ذلك فقد صح بعض هذه الآثار موقوفاً على ابن عباس – رضي الله عنه – ولهذا لا يثرب على من صام عاشوراء ويوما قبله ويوماً بعده أو اكتفى بصيامه وصام يوماً بعده فقط.

ثالثاً : شهر الله المحرم ويوم عاشوراء

الشيخ أحمد المشهداني أشار ان عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم ، ولهذا اليوم ميزة ، ولصومه فضل قد اختصه الله – تعالى – به . وحثَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ؛ لأنه اليوم العاشر من محرم والنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم سماه عاشوراء … وسبب هذا اليوم هو ان الله انجي رسوله موسى من الغرق . واغرق فرعون … فصامه موسى شكراً ثم صامه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لما رواه ابن عباس – رضي الله عنه – قال : (قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء ، فسُئِلوا عن ذلك ، فنحن نصومه تعظيماً له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ( نحن أولى بموسى منكم ، فأمر بصيامه) ، وفي رواية لمسلم : ( فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه … ) ، وللنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في صيام عاشوراء أربع حالات : وزار النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم . المدينه فرأى اليهود يصومون هذا اليوم فسأل عنه فأخبره اليهود بنجاة موسى فقال عليه الصلاة والسلام . انا احق بموسى منكم لان بقيت الى العام القادم لأصومنَّ التاسع والعاشر . فصام النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم العاشر … ولم يبقَ الى العام الثاني .. فأصبح سُنَّة من سنن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

الحالة الأولى :

أنه كان يصومه بمكة ولا يأمر الناس بالصوم ففي الصحيحين عن عائشة – رضي الله عنها – قالت : ( كانت عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه فلما نزلت فريضة شهر رمضان كان رمضان هو الذي يصومه فترك صوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء أفطر ) . وفي راوية للبخاري وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : (من شاء فليصم ومن شاء أفطر) ..

الحالة الثانية :

أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لما قدم المدينة ورأى صيام أهل الكتاب له وتعظيمهم له – وكان يحب موافقته فيما لم يؤمر به – صامه وامر الناس بصيامه وأكد الأمر بصيامه وحث الناس عليه حتى كانوا يصوَّمونَهُ أطفالهم .

الحالة الثالثة:

أنه لما فرض صيام شهر رمضان ترك النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمر أصحابه بصيام يوم عاشورا. لما رواه مسلم في صحيحه ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال : (إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه ومن شاء تركه ) وفي رواية لمسلم أيضاً : ( فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه ومن كره فليدعه ).

الحالة الرابعة:

ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عزم في أخر عمره على ألا يصومه منفرداً بل يضم إليه يوم ( التاسع ) مخالفة لأهل الكتاب في صيامه لما رواه ابن عباس – رضي الله عنهما – أنه قال : حين صام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله : إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى . فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ( فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع ) قال : فلم يأتِ العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..

فضل شهر محرم

امام جامع الرحمن الشيخ جواد كاظم رداد : مما يدل على فضله ما رواه مسلم عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : (( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل )) . أخرج النسائي من حديث أبي ذر – رضي الله عنه – قال : سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : أي الليل خير وأي الأشهر أفضل ؟ فقال : خير الليل جوفه ، وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم ، قال ابن رجب : وقد سمى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم المحرم شهر الله ، وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله ، فإن الله – تعالى – لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته ، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته ، ونسب إليه بيته وناقته ، ولما كان هذا الشهر مختصاً بإضافته إلى الله – تعالى – ، وكان الصيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله – تعالى- ، فإنه له – سبحانه – من بين الأعمال ، ناسب أن يختص هذا الشهر    المضاف الى الله ، بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيم ، وقد قيل في معنى إضافة هذا الشهر إلى الله – عز وجل – ، إنه إشارة إلى ان تحريمه إلى الله – عز وجل – ليس لأحد تبديله كما كانت الجاهلية يحلونه ويحرمونه مكانه صفرا ، فاشار إلى انه شهر الله الذي حرمه ، فليس لأحد من خلقه تبديل ذلك وتغييره )) .

شهر محرم افضل الشهور المحرمة

الشيخ كاظم جواد الرداد أجاب عن سؤالنا الذي يتعلق بخير الشهور الحرام ؟ فقد اجاب بان العلماء اختلفت في اي الشهر الحرام افضل ؟ فقال الحسن وغيره : أفضلها شهر الله المحرم ، ورجحه طائفة من المتاخرين ، وروي وهب بن جرير عن قرة بن خالد عن الحسن ، قال : إن الله افتتح السنة بشهر حرام وختمها بشهر حرام ، وكان يسمى شهر الله الاصم من شدة تحريمه وفي هذا الشهر يوم حصل فيه حدث ، ونصر مبين ، أضهر الله فيه الحق على الباطل ؛ حيث أنجى فيه موسى – عليه السلام – وقومه ، واغرق فرعون وقومه ، فهو يوم له فضيلة عظيمة ، ومنزلة قديمة . عن ابن عباس – رضي الله عنه – أن رسول اله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قدم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : (( ما هذا اليوم الذي تصومونه ؟ )) فقالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه ، واغرق فرعون وقومه ، فصامه موسى شكراً ، فنحن نصومه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : (( فنحن احق واولى بموسى منكم )) فصامه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأمر بصيامه ، متفق عليه ، ولأحمد عن أبي هريرة نحوه وزاد فيه : (( وهواليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح شكراً . وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال (( ما رايت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعني شهر رمضان )) ، متفق عليه . قال ابن حجر : (( هذا يقتضي ان يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان ، لكن ابن عبا س اسند ذلك الى علمه ، فليس فيه ما يرد علم غيره ، وقد روى مسلم من حديث ابي قتادة مرفوعاً ان يوم عاشوراء يُكفَّر سنة ، وأن صيام يوم عرفة يكفَّر سنتين ،وظاهره أن يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء ، وقد قيل في الحكمة في ذلك إن يوم عاشوراء منسوب إلى موسى – عليه السلام – ، ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فلذلك كان أفضل وعن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت : (( أرسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم صومه ، ومن كان أصبح مفطراً فليتم بقية يومه )) فكنا بعد نصومه ونصوم صبياننا الصغار ، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياها حتى يكون عند الإفطار )) ، متفق عليه .


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه