حوارات
- ضمن الحملة الوطنية الاسلامية لمناهضة الغلو والتطرف والارهاب التي يرعاها الشيخ العلامة الدكتور عبد اللطيف الهميم ضيف عدد من القنوات الفضائية الباحث الاسلامي والحقوقي الدكتور حمدي مراد
- الدكتور النابلسي
- مدير عام دائرة الاحتفالات الدينية والمولد النبوي الشريف الشيخ قتيبة عماش ديوان الوقف السني أطلق أكبر حملة على مستوى الشرق الأوسط لمناهضة الغلو والتطرف والارهاب
- حوار مع مدير عام هيئة ادارة واستثمار أموال الوقف السني الاستاذ سالم الجنابي
- حوار مع مدير أوقاف المنطقة الجنوبية السابق الدكتور عبد الكريم الخزرجي
تقارير
- سيرة عالم .. الشيخ صبحي السامرائي
- سيرة عالم .. الشيخ عبد الكريم الدبان
- سيرة عالم .. الشيخ الدكتور عبد الكريم زيدان العاني (1921 – 2014 م)
- سيرة عالم .. العلامة الشيخ عبد الكريم بن محمد بن فاتح بن سليمان المدرس
- سيرة عالم .. الشيخ هاشم بن جميل بن عبد الله القيسي
- سيرة عالم .. الشيخ أكرم بن عبد الوهاب
- سيرة عالم..الدكتور غانم قدوري الحمد
- سيرة عالم .. الدكتور بشار عواد معروف
وثنية بالطول والعرض
أ. د. عماد الدين خليل
للعصر الحديث وثنيته هو الآخر … وثنية ( الصورة ) التي تعلق على رؤوس الناس في دوائرهم ومؤسساتهم ، وتباع وتشترى في الأسواق ، وتعلق على الصدور ، ويطاف بها في المناسبات وفي غير المناسبات … وتؤطر ، وتمسح جيداً ، ويقف العبيد الجدد إزاءها معجبين … خاشعين !!
للعصر الحديث وثنيته هو الآخر … ولكنها وثنية بالطول والعرض فقط ، بينما كانت أوثان الجاهليين في العالم القديم تملك العمق أيضاً … ربما لأن فن التصوير لم يكن قد استكمل أسبابه بعد … والأمر سواء … صورة تعلّق على الرؤوس الكبيرة في الأمة وتوقرها جماهير الناس … أو وثن يطوف به رجال الملأ ، وتتمسّح عند أقدامه عامة الناس !!
ولحظة دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مكة فاتحاً،وانتهى إلى الكعبة ، ولم
يفرق وهو ينزل معوله في أوثانها بين الحجارة المنحوتة ، وبين الصور البدائية للأنبياء السابقين فأمر بإزالتها جميعاً ، وقال عن صورة مرسومة على جدار الكعبة لإبراهيم وإسماعيل – عليهما السلام – وهما يستقسمان بالأزلام : ( كذبوا ، ما كان إبراهيم وإسماعيل يستقسمان بها قط ).
إن الإسلام لم يحرم النحت أو التصوير لذات النحت أو التصوير ، ولكنه حرم كل ما من شانه أن يقود الناس إلى نوع من التعبّد الوثني لأبناء جنسهم ، في أي زمن أو مكان ، ما دام الله سبحانه قد خلق بني آدم كلهم سواء … ومن ثم فقد لبس المسلمون ثياباً مرسومة ، واستخدموا ستائر منقوشة ، واتكأوا على وسائل مصورة وملونة ، وحفروا ونحتوا المحاريب والمنابر والمآذن والقباب ، ولم يقل أحد أن هذا حرام !
لكن هذه !
هذه العلاقة المزيفة ، والمحزنة في الوقت نفسه ، بين الإنسان الذي جاء الدين لكي يحرّره من الأوهام ، وبين الصور والتماثيل التي تذل عنقه ، وتحني رأسه وهو المخلوق الذي أريد له أن يكون ( سيداً ) على العالمين ! وها نحن الآن في العصر الحديث نعود ثانية إلى زمن الوثنية.
إن أشد الدول تقدماً تكتسح زعماءها اليوم هذه الروح … هذه الرغبة العاتية في أن يفرضوا التعبّد والتقديس على أتباعهم وشعوبهم ، وفي أن يخيّلوا لهم ، بشكل أو بآخر ، انهم مصنوعون من طينة أخرى غير طينتهم ، متربعون في مواقع أعلى بكثير مما يقدرون على الصعود إليه …
إن أي زعيم جديد يجد نفسه مدفوعاً إلى هذا الموقف ، فلا يقرّ له قرار حتى يرى
( صورته ) معلّقة في المؤسسات ، والدوائر، والأزقة ، والشوارع ، والساحات والميادين ، ملصقة على جدران المساجد والكنائس والدور … مرفوعة على الجباه والصدور ، مطاف بها في التظاهرات والمسيرات.
إن هذا يذكرني بما قاله يوماً ( أكنازسيلوني ) الشيوعي الإيطالي ، الذي ارتّد عن الشيوعية لأكثر من سبب ، من أنه رأى جموع الناس في موسكو ـ في ثلاثينيات القرن الماضي ـ تحج إلى قبر ( لينين ) المصنوع من الخشب المتقن ، وانهم يقفون طوابير كي يجيئ الدور على كل واحد منهم في أداء العمرة إلى الصنم ، وأنه حدّث أحد رفاقه هناك بأنه يتمنى لو يتاح له إحراق هذا القبر واستئصاله حماية لمبادئ ( لينين ) نفسه !!
ومن ثم فان وثنيتنا الحديثة ليست وثنية الطول والعرض فحسب … ليست وثنية الصورة المسطحة فحسب … ولكنها ستؤول ثانية إلى ما كانت عليه شقيقتها البائدة : وثنية الأصنام التي يطاف حواليها ، وتقف جموع الناس أمامها بخشوع ، منكسة الرؤوس والأبصار …
ولا حول ولا قوة إلاّ بالله …