23 / 02 / 2015

ولادة عدل

د. الحارث شاكر عبد الجنابي

كلنا يذكر تلك القصة التي غيرت مفاهيم فن الحكم، وإدارة الحكام للأمة وفي أشد حالات الأزمة التي تعيشها او يعيشها القائد ، ((إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدتُّمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ)) (الأنفال: 42 )، وهو في أشد حالات الاستعداد ، للقتال . انه قتالٌ، موتٌ، لقاءٌ ، من أجل معركة هي في نظر القائد من أهم مفاصل الحياة له ولقومه ولفكرته . انها بدر ، وهو في حالة القيادة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصفُّ الجنود بعصا القيادة يعلمهم فن الانضباط والاستعداد ويخاطبهم ويحفزهم ، فينظر الى أحدهم.

وهو يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تأخر يا فلان (( اي قف في صفك )) وهو يناديه تأخر يا فلان… والرجل لا يسمع ، ويناديه مرة اخرى …تأخر يا فلان ، فتقدم النبي القائد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فضرب بعصاه بطنه فقال له : تأخر ، قال الرجل : يا رسول الله أوجعتني، أوجعتني فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مباشرة خذ العصا اقتص مني … ((عجيب في انتظار المعركة والصفوف واقفة)) ماذا يحدث ايها القائد هل الوقت هو وقت قصاص!!! انه القائد .

لم يقل لهم أيُّها الحراس خذوا هذا الجبان.

لم يقل له أتتكلم معي وانا القائد ؟

لم يقل له ماذا تقول؟ وكيف تتجرأ ان تكلم قائدك هكذا ؟

قال له : خذ واقتصَّ منِّي ….(( ونحن في قتال : نعم … وانت القائد : نعم … حتى ولو كانت ضربتك غير مقصودة : نعم …))

فأخذ العصا ذلك الصحابي وهو سواد رضي الله عنه قال: يا رسول الله انت ضربتني وانا كاشف لبطني ، ما علي من رداء فاكشف بطنك لأضربك كما ضربتني ،

فإذا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يحسر رداءه عن جسده المبارك ، فينقض ذلك الرجل لازما لجلد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ضاماً له يقبله .

يقبل العدل والعدالة ، يقبل من يربي شعباً حراً وليس عبيداً …

ثمَّة من الحكام من يعامل شعبه على أنَّه مجموعة من القطيع كلهم ، مثقفهم، عالمهم ولسانه حاله يقول كيفما اكون تكونوا …

عبيد ، غنم …. تسير ورائي ليس لك وجود وجودك وجودي.

تعلموا افهموا فن القيادة والحكم الانساني لم يكن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يستأثر دونهم بأموال ولم يكن يستأثر دونهم بخيرات البلاد .

كان يفقر لفقرهم .. كان يعيش معهم ازماتهم … كان يتألم بألمهم …كان يعيش حزنهم، سعادتهم … مات رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ودرعه مرهونةٌ عند يهودي من أجل حفنة شعير يأتي بها إلى أهله ،

لم يطلب منهم تعليق صوره . …. انه العدل

اين انتم من هكذا قيادة … ايها الحكام ايها القادة ايها المدير في مؤسستك تعلم افهم ابحث عن قيمتك كانسان مسؤول ..اعلم انك مغادر .. ذلك الكرسي …. غادره والكل يحبك يحترمك يقدرك يسأل عنك فانت مغادر …. ان كان ليس اليوم فغداً .

 


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه