11 / 12 / 2022

الأمانة

د. عبد الرحمن عبد الستار النعيمي

معنى الأمانة : ضد الخيانة : والامانة قيمة عليا من القيم الأنسانية ، وخلق رفيع سام يعد وجوده وقت الفتن والمحن ، اما اذا غاب فانتظر الساعة وبين يدي الساعة يقال في ندرتها ان في بني فلان رجلا امينا ، يرجع الناس اليه.

لغة الأمانة : من الأمان وهو الوفاء . ( المعجم الوسيط واصله طمأنينة النفس اصطلاحا : هو كل حق لزمك اداؤه وحفظه قال الكفوي : كل ما افترض على العباد كالصلاة ، وأداء الدين وأوكدها الوادئع ، وأوكد الودائع كتم الاسرار الوظيفة : مهمة او عمل او جهد فكري او عضلي يطلب القيام به بمقابل مادي او معنوي.

المال العام : ما يستحقه الناس ( المسلمون) حازوه بطريق شرعي ولم يتعين مالكه منهم ، ومصروفه مصالحهم العامة ( التصرف في المال العام خالد الماجد ۱۹)

المال الخاص : المملوك لمعين

ثانيا : انواع الأمانة:

يدخل في رحاب الأمانة انواع لها منها

1- الأمانة العظمى : وهي أمانة الدين التمسك وبأهدابه ، وقد أطلق عليها العلماء أمانة التكليف التي قصدته الآية الكريمة : ((إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )) ( سورة الأحزاب الآية: 72).

قال القرطبي : الأمانة تعم جميع وظائف الدين . 14/253.

وتبليغ الدين الحق أمانة يدخل في هذه الآية العظمى.

على هذا فإن الانبياء والرسل أمناء على وحي الله تعالى : فما من نبي الا قال : (( اني لكم رسول أمين))

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء ، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء)) .

2- ما أعطى الله من نعمة فهي أمانة : وحفظها في استعمالها في ما جعلت له على وفق ما اراد المعطي ) جل جلاله) فالسمع والبصر وبقية الجوارح أمانة ، والعقل أمانة ، العرض أمانة والمال أمانة ، والولد والزوجة والوالدان والأخوة والأقارب أمانة كلها تحتاج الى رعاية ، وكلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته ) الشيخان حفظ ام ضيع.

3- البلد أمانة وثروة الأمة أمانة ، والستر أمانة قال صلى الله عليه وسلم : (( اذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة )) .

الأمانة بمعنى الوديعة : وهي المعنى الشائع المتداول، وهو الذي حافظ عليه صلى الله عليه وسلم لقريش رغم عداوتهم له وشدة اذاهم له كما في حادثة الهجرة المعروفة . ولم ينفوها عنه ، كما ورد في محاورة ابي سفيان مع هرقل الذي قال : وسألتك هل يغدر ، فزعمت انه لا يغدر وكذلك الرسل ))

ثالثا : رعاية الاسلام للأمانة وحفظها والتحذير من الخيانة

ورد ذلك في نصوص من الكتاب واحاديث من السنة منها

1- قوله تعالى (إن) اللَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَن تَوْدُوا الأمانات إلى أهلها)) (سورة النساء الآية : ٥٨) نزلت في عثمان بن طلحة ، الا انها عامة في جميع الأمانات الواجبة على الانسان كما فسرها ابن كثير ٤٨٨/١ وهي على نوعين رئيسين :

أ- حقوق الله تعالى : من صلاة وصيام وزكاة …. الخ

ب- حقوق العباد كالودائع :

2- قول الله تعالى : ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تخونوا الله وَالرَّسُولَ وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)) (سورة الأنفال الآية:۲۷) والأمانة تعم الأعمال التي أؤتمن عليها العباد . (ابن عباس) ، والخيانة تعم الذنوب صغيرها وكبيرها . (ابن كثير)

3- قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أذ الأمانة الى من ائتمنك ولا تخن من خانك) رواه ابو داود (٣٥٣٤) ، والترمذي (١٢٦٤)

4- وقال ايضا عليه الصلاة والسلام : (( آية المنافق ثلاث : اذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، واذا أؤتمن خان)) .

5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما اعطيكم ، ولا أمنعكم انا قاسم اصنع حيث (أمرت)) وفي لفظ ( إن انا الا خازن)

6- عن خولة الانصاري قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( ان رجالا يتخوضون في مال الله – كل مال عام – بغير حق فلهم النار يوم القيامة )) .

رابعا : الوظيفة العامة مسؤولية عظيمة اتفق الفقهاء على ان الوظيفة في المال العام هي

وظيفة بالإنابة فولي الأمر نائب عن الجميع في جلب المنافع ودفع المضار . او بتعبير مقارب  ( وكيل عن المسلمين )

وتتدرج هذه الوظيفة حسب مسؤولية الموظف وموضعه من المال العام روى الترمذي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( ان هذا المال حلوة من أصابه بحقه بورك له فيه ، ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة الا النار.

وهذه الاضافة – من مال الله ورسوله – خاصة بالمال العام الذي لا يملكه فرد بعينه بل تعود لكل فرد من الأمة .

خامسا : من احوال الصالحين :

1- عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما استخلف ابو بكر قال : (( قد علم قومي ان حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي وشغلت بأمر المسلمين ، فسيأكل آل بكر من هذا المال واحترف للمسلمين فيه )) .

وهو اعتذار عن الاخذ من المال العام ، وان ما يأخذ على قدر من عمله لهم ، وهو ما نطلق عليه الاجر اليومي او الراتب الشهري او السنوي .

2- قال عمر بن الخطاب : ( اني انزلت نفسي من مال الله – المال العام بمنزلة ولي اليتيم ، ان احتجت اخذت منه ، فاذا ايسرت رددته ، وان استغنيت استعففت )

3- وقال ايضا : الا اخبرك – للربيع الحارثي – بمثلي ومثل هؤلاء ، انما كمثل قوم سافروا ، فجمعوا مالا، وسلموه الى واحد ينفقه عليهم فهل يحل لذلك الرجل ان يستأثر عنهم من اموالهم ؟

4- عن مالك بن أوس قال : كان عمر يحلف على أيمان ثلاث : (( والله ما احد أحق بهذا المال من أحد ، وما انا احق به من أحد )) .

فالواجب على كل من ولي شيئا من وظائف عامة او مال عام

1- ان يحفظ أمانة الوظيفة وحفظ المال العام والاجتهاد في تحقيق المصلحة العامة

2- ان يكون هذا التصرف منوطا بالعدل والتصرف هذا حسب المكانة والمسؤولية والا لكان الامر فوضى . الأخذ منه بحسب الكفاية ، وفي عصرنا على حسب ما خصص له قانونا ونظاما.


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه