16 / 12 / 2014

آدابُ الطريقِ … قواعدُ تنظم أسلوب الحياة

الشيخ : شاكر البيك

قال تعالى : ((وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً)) (سورة الفرقان : 63) ومعنى ذلك: يمشون بسكينةٍ ، ووقارٍ ، وتواضعٍ ، فلا كبرَ ولا خيلاءَ ، ولا  تعالي ولا افتخار في مشيتهم ، فتلك هي من صفات المسلمين ، اليوم عندما نتجول في بلاد المسلمين وخاصة في الأسواق والشوارع نجد الكثير من الناس لا يلتزمون بآداب الطريق . فنسمع الكلمات البذيئة ، والنظر على المحرمات والعديد من السلبيات التي هي ليست من صفات المسلم ، آداب الطريق وهي قواعد انسانية حث عليها ديننا ورسولنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، وهي اعطاءُ الطريقِ حقه ، كيف نعطي الطريق حقه فعن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله : ((إياكم والجلوس في الطرقات))
فقالوا يا رسول الله: ما لنا بد إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ((فإذا أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقه)) . قالوا: وما حق الطريق؟ قال: ((غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر)) رواه البخاري .

أ – غض البصر:
الأمر بغض البصر يشترك فيه الرجال والنساء على حد سواء؛ وذلك لأن إطلاق البصر فيما يحرم يجلب عذاب القلب وألمه، وصاحبه يظن أنه يروِّح عن نفسه ويبهج قلبه،

تعمد النظر يورث القلب علاقة يتعذب بها الإنسان، وإن قويت حتى صارت غراماً وعشقاً زاد العذاب الأليم، سواء أكانَ قادراً على المحبوب أم عاجزاً عنه ، فإن كان عاجزاً فهو في عذاب أليم من الحزن والهم والغم .

ب – كف الأذى :

إن من محاسن هذا الدين أن كان كف المرء شره وأذاه عن الناس صدقة يتصدق بها على نفسه، جاء ذلك في حديث أبي ذر – رضي الله عنه – قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم:أي العمل أفضل؟ قال : ((إيمان بالله وجهاد في سبيله)) قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: ((أعلاها ثمناً وأنفسها عند أهلها)) . قلت: فإن لم أفعل؟ قال: (( تعين صانعاً أو تصنع لأخرق)) . قال: فإن لم أفعل؟ قال : (( تدع الناس من الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك)) (رواه البخاري). وعند مسلم: ((تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك)) .

جـ – رد السلام:

من حقوق الطريق ردُّ السلام وهو واجب لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خمس تجب للمسلم على أخيه : (( رد السلام ، وتشميت العاطس ، واجابة الدعوة ، وعيادة المريض واتباع الجنائز)) .

هـ – هداية السائل عن الطريق:

ومن حقوق الطريق – أيضاً – إرشاد السائل عن الطريق، وهدايته إليه، سواءً كان ضالاً أم أعمى. وقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن من حق الطريق ((إرشاد السبيل)) (رواه أبو داود).

و- ومن حق الطريق إزالة الأذى عنه:

من الآداب المستحبة في الطريق إزالة الأذى عن الطريق، بل هي من الإيمان، قال الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : (( الإيمان بضع وسبعون شعبة أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان)) (رواه البخاري).

وهي من الصدقات، ففي حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (( كل سلامٍ من الناس عليه صدقة… ثم قال: وتميط الأذى عن الطريق صدقة)) (رواه البخاري ومسلم).

وبسببها أدخل رجل الجنة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (( بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره، فشكر الله له فغفرله)) (رواه البخاري ومسلم).

ن- تحريم قضاء الحاجة في طريق الناس أو ظلهم:

حذر رسولنا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، من التخلي في طريق الناس أو ظلهم، لأن ذلك حق عام، فلا يحل لامرئٍ أن يفسد على الناس طرقهم التي يمشون عليها، أو ظلهم الذي فيه يجلسون، وبه يتقون حر الشمس. فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : (( اتقوا اللعانين. قالوا: وما اللعانان يا رسول الله؟ قال: الذي يتخلى في طريق الناس، وظلهم )) ( رواه مسلم ) .

 

 إعانة الرجل في حمله على دابته أو رفع متاعه عليها:

فإذا رأيت كبير السن أو المقعد يريد أن يركب دابة أو سيارة وكان ذلك يشق عليه، فإنك تعينه على ذلك، أو تعينه في حمل متاعه، وهذا من الصدقة التي يؤجر المسلم عليها. فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: (( كل سُلام عليه صدقة، كل يوم، يعين الرجل في دابته يحامله عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة)) (رواه البخاري).
فينبغي علينا أن نراجع أنفسنا ونسألها هل نحن ممن يؤدون حق الطريق أم لا، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه والتابعين، والحمد لله رب العالمين.

فقد حدد نبينا الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خمسة قواعد فأين نحن من تلك القواعد الذهبية فما أحوج المسلم لهذه الآداب الكريمة في وقت نجد فيه الكثير من الشباب يتسكعون في الطرقات، وبيجتمعون في الشوارع والمنعطفات، وعلى أبواب المدارس وفي الساحات، لا عمل لهم سوى إيذاء الناس بفاحش الكلمات، وتصيّد العثرات والزلات، ومراقبة السقطات والعورات ، لذلك على الاسرة ان تأخذ دورها في تربية اجيال من الشباب يلتزمون بتعاليم ديننا الحنيف لانه دين متجدد في كل عصر وزمان .


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه