16 / 12 / 2014

أدب المرأة المسلمة في الشعر المعاصر

أ.د. صالح احمد رشيد

انطلقت الشاعرة الإسلامية في العصر الحديث من فهمها لواقع عصرها ومجتمعها للتعبير في صدق عن قضايا الأمة ، وهمومها .

متأثرة بفهمها للدين الذي آمنت به ، غير أنَّ كثيراً من الدراسات أشاحت بوجهها عرضاً عن النتائج الواسع للمرأة الشاعرة في عصرنا الحديث في ظل تعتيم إعلامي مقصود لا يشير إلى وجود هذا الأدب الرفيع ، وفي المقابل يشغل النشأ بالدعاوي المضلة التي تربط الشباب بالذي يأتي من خارج البلاد متخلصا من لقيم الأخلاقية . في ظل موجة تدعي الفنية ، وتحيّد الأخلاق ، والدين جانباً .

مِن ثَمَّ جاء هذا البحث ليكون مفتاحاً للدراسات نرجو أن تكون مستقبلية ليكون هدفه الأول إن يشير إلى وجود شعر المرأة في الصر الحديث . في محاولة منه لتنبيه الغافل ، وإثارة الحصيف على الدين والأخلاق .

ويتطرق البحث بعد ذلك غلى الموضوعات التي تطرق إليه شعر المرأة المسلمة في العصر الحديث نابعاً عن إيمان عميق ، وثباتٍ ، ودعوة للإصلاح .

فوقع البحث في خمسة مطالب :

جاءت المطالب الأربعة الأولى في الجوانب الموضوعية لشعر المرأة وهي : الحجاب ، ومناجاة الله ، تحرير القدس ، تصوير الحياة الآخرة . وتجنب البحث الإشارة إلى الموضوعات الأخرى ؛ لأن الشاعرة الإسلامية تشترك فيها مع غيرها من الشاعرات .

أما المطلب الخامس فقد أوجز فيه الباحث أهم الخصائص الفنية لشعر المرأة المسلمة في العصر الحديث .

  • المطلب الأول : الحجاب :

كان موضوع الحجاب أحد أهم الموضوعات التي عالجها شعر المرأة الإسلامي . وقد احتل مساحة كبيرة ، وخاضت الشاعرة في تفصيلاته من أمثال الشاعرات : عائشة عصمت تيمور ، وملك حنفي ناصف ، ونجيبه الرفاعي ( أم سلمة ) ، وميسون سليمان فالحجاب غير النقاب ، والحجاب مفخرة لاعيبَ ، ولا ازدراء فيه ، فهذه عائشة عصمت تفتخر بحجابها قائلة :

بيد العفاف أَصون عز حجابي            وِبِعصمتي أَسمو على أَترابي

وبِفِكرَةٍ ، وَقاَّدةٍ ، وَقريحة               نَفاذة قَد كملت آدابي

ومثل ذلك قول ميسون سليمان : معتزة بالنهاية السعيدة للمسلمة المحجبة .

لستُ من تأسر الحليُّ صباها         فــكـنــوزي قـلائـدُ القـــــرآنِ

وحجابُ الإسلام فوق جبينـي    هو عــندي أبهى من التيجانِ

كنت تغوي فقري بوهمِ قصورٍ   كبروجٍ تزهو على البنيان

لست أبغي من الحياة قصورا        فقصوري في خالدات الجنان

أما الشاعرة عائشة عصمت ، فإنها تفضل الامر ، وتناقش في دقائقه فالحجاب فضيلةٌ ، ولكنه لايعني النقاب ، وهناك سعة في لبسه مع المحافظة على الثوابت في كوه لايصف ، ولا يشف ، وغير ملون ، ولا معطر ومن ذلك قولها :

ليس الحجابُ هو النقاب         فقصِّري أو طولـي

فإذا جهلت الفرق بينهما       فدونك فاسألـــي

من بعد أقوال الأئمــــــة           لا مجال لمقولـي

لا أبتغي غير الفضيــــلة         للنساءِ فأجْملــي

آما نجيبة الرفاعي ( أم أسامة ) فقد أخذت على نفسها توجيه المرأة التي لاترتدي الحجاب وتلبس غيره من الأزياء غير الساترة للمرأة :

قصّرتِ ثوبَك لم تراعي حشمةً لو تعلمين

تمشين في الأسواق لم تخشين ألحاظا لمئين ما هكذا كنا ، ولا كنا كانت نساءُ المتقين

  • المطلب الثاني : مناجاة الله

توفر البحث على قصائد وفيرة في هذا الموضوع فالله هو الملجأ الذي يحتوي مشاعر الشاعرات المسلمات في إحساسهن بالغربة ، أو الآلام ، والإحزان ، وعند نزول الشدائد والأمور الجليلة .

وقد إنسلك في هذا الجانب الكثير من الشاعرات من مثل :

زبيدة بشير التونسية ، فهيمة البيطار ، ووفاء وجدي ، وغنية زيد ، والشاعرة السعودية رقية ناظر ، وملك عبد العزيز .

وقد جاءت بعض القصائد تفيض عاطفة ، ورقة ، وأنوثة اتجاه الخالق كما في قول غنيمة زيد :

إليك مددتُ يداً ضارعةً     فأنت السميع وأنت لمجيبُ

وأنتَ الملاذ وأنت الأمانُ   وأنت الصديق وأنت الحبيبُ

إليك قطعتُ الدروبَ الطوالَ   إليك عبرت الزمان الغريبْ

وهذا رقية تتوسل إلى الله ضارعة ملحة في دعوته لكشف الضر والابتعاد عن البخل كما في قولها ؛:

دعوتك ربي ، والدعاءُ فضيلةٌ   يرجو بها العبد اللحوحُ رضاكا

دعوتك ربي والدعاءث وسيلةٌ   لتجيب مضطراً إلهي رجاكا

فلقد أجرت محمداً من غمّهِ   ونصرته حين احتمى بحماكا

وكذاك في الظلمات يونس خاشعاً   فكشقتَ عنه السوءَ غذ نلجاكا

وانا الهلوع بباب جودك واقفق   لايكشف الضرَّ المريع سواكا

فارحم منوعا لاتكِلءه لمثلشهِ   من فَرءطِ شثحٍّ كاد أن ينساكا

وربما نظرت الشاعرة المسلمة إلى ملكوت الله ، وجميل صنعه وخلقه ، فراحت تسبح الله وتوحده ، أمام هذا الكون الذي يدل على جمال صنع الله وقدرته من ذلك قول الشاعرة المصرية ( روحية القليني ) :

وجُبْتُ بخاطري عَبْرَ الفضاء   وخلفَ السُّحْبِ في قلب السماءِ

ووسط البحر في الاعماق حَيْرى وفوق الأرض تَزءهي بالرُّواءِ

وفي زهرٍ يفوحُ العطرُ منه   فيبعث بالشّذاذ طيبَ العطاءِ

وفي نخلٍ يُطاِول كلَّ صَرْحٍ   ويزْهى في عتاد الكبرياء

وفي ثَمَرٍ تدلّى منه شَهْدٌ ويَحْني الرأسَ من فَرَطِ الحياء

وفي العصفور يعلو كل غصن ويشدو ومشجياً سحر الغناءِ

وفي همس النسيم عِلى الرَّوابي   سرى عطرٌ يموج من الهواءِ

يسبّح رَّبه أيان يثسْري   ويخلو منه ترديدُ الدعاءِ

وتقول فدوى طوقان :

يالهذا الصفاء ، يالتجلِّي الله   ياروعة الجلالِ الفريدِ

لكأن بالكون يهتف ياربّ   ويَمضي مستغرقِاً في الشُّرودِ


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه