02 / 11 / 2016

الحجاج عتقاء الله من النار

قال تعالى: ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ)) (سورة البقرة آية: 197)

يوصي الباري تبارك وتعالى عباده المؤمنين الذاهبين لحج بيته الحرام ، أن يبتعدوا عن الرفث والفسوق والجدال في الحج ، لأن شعيرة الحج من أعظم الشعائر .

قال تعالى : ((ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ )) (سورة الحج آية32 )

من تلك الأرض الطاهرة المباركة ، خرجت أعظم كلمة ،وهي لا اله إلا الله والله اكبر إنها مكة تهفو القلوب لرؤيتها ، وترتاح الأنفس بجنباتها ، زادها الله مجداً وعزاً حينما خرج الرسول صلى الله عليه وسلم مهاجراً إلى المدينة المنورة ، وقف ينظر إلى مكة يودعها والألم يعتصر فؤاده , والدموع تملأ عينه , فقال يامكة انك لأحب أرض الله إلى الله واحب أرض الله إلي ، ولولا أن أهلك اخرجوني ماخرجت ، ماأعذب الحج وأطيبه، فهو عبادة روحية وسياحة نفسية ، يعيشها الحاج وهو يؤدي المناسك ،وقد غمرته الفرحة بعد أن يسر الله له الوصول إلى بيت الله الحرام ، فينسى مشقة الطريق، وما لاقاه من نصب وتعب فيردد مع إخوانه النشيد السماوي لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك، لاشريك لك ، ذلك النشيد يردده الصغير والكبير، لافرق بين أبيض وأسود ، ولارئيس ولا مرؤوس ، الكل سواسية يخرجون تلك التلبية من أعماق قلوبهم يحسون بأنهم اليوم ولدوا، وهم حقاً سيعودون كيوم ولدتهم أمهاتهم ، في ذلك الموقف الرهيب ينزل الباري تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء ، عن جابر بن عبدالله (رضي الله عنه)،

قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أيام عندالله أفضل من عشر ذي الحجة)) ، فقال رجل هنّ أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله :قال:  ((هنّ أفضل من عدتهن جهاداً في سبيل الله وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة))، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء ، فيقول : انظروا إلى عبادي ، جاءوني شعثاً غبراً ، ضاحين، جاءوا من كل فجّ عميق ،يرجون رحمتي ، ولم يروا عذابي ، فلم ير أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة ، رواه ابن حبان هنيئاً لكم حجاج بيت الله الحرام ، حيث عمت الفرحة وعمّ السرور وقد أعتقكم الله من النار ذلك اليوم المبارك يوم عرفة هذا مايتمناه الحاج العتق من النار، وهذا العتق وهذه المغفرة على مرّ السنين، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات ، وقد كادت الشمس تثوب فقال: ((يابلال ، أنصت لي الناس ))، فقام بلال فقال: أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنصت الناس فقال: ((يامعشر الناسٍ ، أتاني جبريل عليه السلام آنفاً، فأقرأني من ربي السلام وقال (إن الله عز وجل ،غفر لأهل عرفات ، وأهل المشعر الحرام ، وضمن عنهم التبعات ))فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يارسول الله ، هذا لنا خاصة :قال : ( (هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة ))، فقال عمر( رضي الله عنه): كثر خير الله وطاب أي والله كثر الخير وعمّ الحجاج ومن يأتي من بعدهم، وهذا من رحمة الله تبارك وتعالى .

واعلموا إخوتي وأحبابي ، إن على الحاج أن يحرص على سلامة حجه فيبتعد عن اللغو والرفث والفحش والكلام البذيء ، عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمة )) رواه البخاري،

ومن أجل نصرة الأسلام والمسلمين ، ومن أجل أن تكون كلمة الله هيّ العليا، ولأن الجهاد هو أفضل الأعمال أرادت النساء أن يشاركن في الجهاد ، عن عائشة (رضي الله عنها) ،أنها قالت : يارسول الله ،نرى الجهاد أفضل العمل ، أفلا نجاهد، : قال ((لكن أفضل الجهاد ، حجّ مبرور)) رواه البخاري .

وقالت عائشة يارسول الله ، أنغزو ونجاهد معكم قال : ((لكن أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور))، قالت عائشة : فلا أدع الحجّ،بعد إذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . رواه البخاري

وقد اوصى الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الأمة بالمتابعه والأستمرار ومعاودة الحج والعمرة ، ففيهما الخير الكثير ، فأنهما ينفيان الفقر وتغفر الذنوب، عن عبدالله بن مسعود (رضيّ الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((تابعوا بين الحج والعمرة ، فأنهما ينفيان الفقر والذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد،والذهب، والفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب ، إلا الجنة )) رواه النسائي ،

والحج أخوتي في الله هو ركن من أركان الأسلام الخمسة : فمن أنكر أحد هذه الأركان خرج من الأسلام عن ابن عمر رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((بني الأسلام على خمس : شهادة أن لا اله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاه، وإيتاء الزكاه ، وحجّ البيت،وصوم رمضان )) متفق عليه ،

والحج هو سنة الأنبياء،فما من نبيّ إلا وجاء إلى بيت الله حاجاً رافعاً صوته بالتلبية ،ومعظما لشعائر الله ،عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة فمررنا بواد فقال: (( أي واد هذا ؟)) قالوا: وادي الأزرق ، قال: كأني أنظر إلى موسى صلى الله عليه وسلم ،فذكر من طول شعره شيئاً لايحفظة داود، واضعاً إصبعيه في أذنيه له جؤار إلى الله بالتلبية ماراً بهذا الوادي ، قال ثم سرنا حتى أتينا على ثنية  فقال :((أيّ ثنية هذه )) قالوا: ثنية هرشى أو لفت ، قال :((كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراء عليه جبة صوف وخطام ناقته خلبة ماراً بهذا الوادي ملبياً)) أخرجه الأمام البخاري.

فسارعوا إخوتي في الله بأداء هذه الفريضة العظيمة ، والركن الخامس من أركان الأسلام ، وتعلموا هدي نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحج، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((خذوا عني مناسككم )) ، فاتقوا الله ياعباد الله ، وأدوا مافرضه الله عليكم من الحج ، راجين من الله تكفير ذنوبكم والأثام والفوز بدار السلام، والخلف العاجل عما أنفقتموه في الحج من الأموال ، وفي الختام نبتهل إلى المولى جل في علاه أن يتقبل حجكم ، ويغفر لكم ذنوبكم.

انه وليّ ذلك والقادر عليه ، وحج مبرور ، وسعي مشكور ، وذنب مغفور .


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه