ايات من القرأن الكريم

لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ

الآية رقم 273

من سورة البقرة

07 / 08 / 2017

العملات الالكترونية

اود الاستفسار عن الحكم الشرعي للتعاملات التي تتم للحصول على العملة الالكترونية بيتكوين (بالإنجليزية: Bitcoin).


تعد هذه العملة “عملة مُعمّاة” ويُقصد بذلك بأنها تعتمد بشكل أساسي على مبادئ التشفير في جميع جوانبها،
يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، لكن مع عدة فوارق أساسية، من أبرزها أن هذه العملة هي عملة إلكترونية بشكل كامل تتداول عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيائي لها. كما أنها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكن يمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت أو حتى تحويلها إلى العملات التقليدية.

ايضاً تعتبر بِتكُيِن بأنها عملة رقمية ذات مجهولية، بمعنى أنها لا تمتلك رقما متسلسلا ولا أي وسيلة أخرى كانت من أي نوع تتيح تتبع ما أنفق للوصول إلى البائع أو المشتري، مما يجعل منها فكرة رائجة لدى كل من المدافعين عن الخصوصية، أو بائعي البضاعة غير المشروعة (مثل المخدرات) عبر الإنترنت على حد سواء.

ولبدء التجارة في هذا المجال لايتطلب الامر رأس مال بل هناك عملية تسمى (التعدين) -كما هو الحال في استخراج الذهب مثلا- نفس الشئ بالنسبة للبتكوين يتطلب معدات وبرامج مخصصة تقوم بفك الشيفرات والعمليات الحسابية المعقدة.
علماً ألمانيا هي الدولة الوحيدة التي اعترفت رسميا بعملة بيتكوين بأنها نوع من النقود الإلكترونية.
ماهو رأي فضيلتكم في هذا الامر مبينين لنا حكمهُ الشرعي

 

الجواب:

لم أفهم من سؤالك الطويل مقصدنك تمامًا والصورة التي تسأل عنها بالضبط, وربما لأن النقود الإلكترونية تعامل ما زال حديثًا ويحتاج إلى إيضاحات,

ولا بأس بإيضاح بعض قواعد التعامل النقدي الشرعية. فالنقود التقليدية عندنا كل ما يستخدم وسيلة للتبادل, ومقياسًا للقيم, ومخزنًا للثروة، ومعيارًا للمدفوعات الآجلة من الديون. والنقود المعدنية القديمة تصدرها (تسكها) الدولة، وأما النقود الورقية اليوم فتصدرها الدولة بوساطة بنكها المركزي.

أما النقود الألكترونية فما نعرفه عنها أنها قيمة نقدية مخزونة بطريقة الكترونية على وسيلة الكترونية كبطاقة, ويتم الدفع من الخزين الإلكتروني وبقيمة محددة.

والنقود الإلكترونية كالنقود التقليدية في صلاحيتها لأن تكون وسيلة تبادل, وفي صلاحيتها لأن تكون مقياسًا للقيم, إلا أن الذي يصدرها شركات ائتمان خاصة وقد تخضع لرقابة الأجهزة الحكومية.

وفي الفقه المالي الإسلامي نحتاج إلى فهم أربعة مصطلحات:

الأول: البيع وهو مبادلة سلعة معلومة أو منفعة (خدمة) معلومة بمال معلوم (ثمن) يتم الاتفاق عليه قبل عقد البيع.

الثاني: المقايضة وهي مبادلة سلعة بسلعة أخرى؛ وكلا السلعتين معروفة من الطرفين.

الثالث: الإجارة وهي بيع منفعة معلومة بثمن معلوم.

الرابع: الصرف للنقود وهو مبادلة نقد بنقد من جنسه كالدينار العراقي بالدينار العراقي؛ فهذا لا يجوز إلا متماثلا (يدا بيد مثلا بمثل) أو من غير جنسه كالدينار العراقي بالدولار الأمريكي وهذا يجوز فيه التفاضل يعني الدولار بأكثر من دينار ولكن يشترط فيه القبض الفوري (يداً بيد).

وما يخشى منه في التعاملات المالية هو الربا فإذا كان (البتكوين) عملة فلا يجوز أن تشتريه إلا بجنسه متساوياً، بغير جنسه يجوز التفاضل مع شرط القبض الفوري, ويجوز أن تشتري به السلع والبضائع ولكن بشروط:

أ‌-                أن تخلو المعاملة من القمار بعد خلوها من الربا لقوله تعالى }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ{ المائدة90 فالميسر في الآية القمار, وهو لعب يُشْتَرط فِيهِ أَن يَأْخُذ الْغَالِب شَيْئا من المغلوب، والكثير من لوحات البيع الألكتروني فيها من هذا القمار شيء.

ب‌-          ثم أن تخلو المعاملة من الغرر وقد نهى النبي r عن بيع الغرر([1]) وهو تردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما, أي أن الغالب سيكون ما نخاف منه، ويمثلون له ببيع السمك في الماء أو الطير في الهواء قبل أن يصطادا، فما كانت الجهالة فيه بهذا الحجم في معاملاتنا فهو غرر حرام لوجود خطورة في أن لا يحصل على ما دفع ثمنه.

ت‌-          الخلو من الغش وهو إبْدَاءُ الْبَائِعِ مَا يُوهِمُ كَمَالا كَاذِبًا فِي مَبِيعِهِ أَوْ كَتْمُ عَيْبِهِ بخلط الجيد بالرديء ونحوه، فهو قد يكون بتدليس بنفس البضاعة عن طريق خلط جيدها برديئها وقد يكون بمواصفاتها.

وأي وصف من هذه الأوصاف في أي معاملة مالية يجعلها حرامًا.

وقد ذكرت في سؤالك البدء بالتجارة لا يتطلب رأس مال بل معدات وبرامج فك شيفرات (ولبدء التجارة في هذا المجال لا يتطلب الأمر رأس مال بل هناك عملية تسمى (التعدين) كما هو الحال في استخراج الذهب مثلا نفس الشيء بالنسبة للبتكوين يتطلب معدات وبرامج مخصصة تقوم بفك الشيفرات والعمليات الحسابية المعقدة) يعني أن العملية ليست مبادلة اقتصادية بل هي مقامرة ومخاطرة فك الشيفرة.

وذكرت في سؤالك وصف التعامل بهذه النقود بأنه (عملة رقمية ذات مجهولية، بمعنى أنها لا تمتلك رقما متسلسلا ولا أي وسيلة أخرى كانت من أي نوع تتيح تتبع ما أنفق للوصول إلى البائع أو المشتري) وهذا يضعها في المحظورات للجهالة والغرر.

وذكرت أنها عملة لا تتمتع بوجود فيزيائي مما يحتمل الغش في التقويم والتحويل إلى أقيام عملات أخرى.

ولهذه الملاحظات أعتقد أن المسلم الوقاف عند حدود الله لا ينبغي له أن يتعامل تعاملا بمثل هذه المواصفات.. وقد نحتاج إلى مزيد من المعرفة منك لتصور الصورة بطريقة أوضح والله أعلم.

 

[1])) رواه مسلم، باب النهي عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر، حديث رقم 3800.

 

الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار

عضو الهيئة العليا للمجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء للدعوة والافتاء

نائب رئيس مجلس علماء العراق


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه