28 / 04 / 2013

الوشم … انتشار شبابي وخطر طبي

تحقيق : محمد عبد الواحد

  • رجال الدين : الفراغ والبطالة سبب لانتشار ظاهرة الوشم .
  •  اطباء : الوشم والتاتو تسبب امراض جلدية وسرطانية خطيرة .
  • علماء نفس : اصحاب الوشم يعانون من مشاكل ذهنيه و عاطفيه.

يعد الوشم من الظواهر التي انتشرت بشكل واسع بعد احتلال العراق وانفتاح المجتمع العراقي على الغرب ، وخاصة شريحة الشباب، ومن الأسباب التي ادت الى انتشار (التاتو) بين الشباب والمراهقين من كلا الجنسين، ولذلك لتأثرهم بالفنانين والرياضيين المشهورين ، إذ ظهرت رسوم واشكال غريبة ولا تتناسب مع تعاليم الدين الإسلامي ولا عادات وتقاليد مجتمعاتنا العربية.

 وقال ياسر ( ملك التاتو) الذي يملك محل لعمل الوشم ورسمه الكائن في منطقة الكرادة قال هذه الظاهرة ليست غربية على المجتمع العراقي وإنما الرسوم والأشكال التي انتشرت بعد احتلال العراق بين صفوف الشباب والتأثر بالفنانين والرياضيين الأجانب أو رسم شعارات للأندية الرياضية مثل برشلونة والريال وغيرها من الأندية ، وأضاف هذه حرية شخصية وليس لها تأثير على المجتمع ، ونحن لدينا دليل او (كتلوك) للرسومات والأشكال المختلفة ، أما الزبائن الذين يترددون الى المحل فهم من مختلف الأعمار ، من عمر 18 إلى 40 سنة ، وهذه المهنة شهدت رواجا وانتشرت المحلات والمراكز في الكرادة والمنصور وشارع فلسطين والكثير من مناطق بغداد والمحافظات .

عملية التوشيم

يقول ملك التاتو : يختلف الوشم والطريقة التي أعد بها فمثلا هناك وشم مؤقت واخر دائمي يبقى للأبد باستخدام آلة كهربائية خاصة تتكون من رأس اسطواني مدبب متصل بوحدة تقود الأبرة داخل الجلد وخارجه بسرعة كبيرة تقدر من 80 الى 150 مرة بالثانية وبعدها ينظف الجلد ويعقم ويتم اعطاء الموشوم كريم خاص ليضعه على الجرح ليندمل بسرعة ، وأضاف ان الأسعار تختلف حسب الوشم حيث تصل تكلفة الوشم الواحد الى 150 الف دينار عراقي وتبدأ من 15 الف دينار وحسب الألوان المستخدمة .

عامر عبد السادة – حارس أمني قال : أنا رسمت وجوه اخوتي الشهداء على جسدي والذي يعبر عن حبي لهم،  لذلك أن اغلب الشباب يرسمون اشكالاً ورسوماً  لأشخاص أعزاء على قلوبهم  .

ماريا جورج – طالبة مرحلة رابعة هندسة ميكانيك : الرسم على الجسد ظاهرة جميلة وعصرية وأعدها انفتاحاً على الغرب . وهناك رسوم على اليد او الكتف وبأشكال جميلة مثل وردة ، سعفة ، والعديد من الرسوم التي تعطي جمالية للجسد

سالي محمد – طالبة مرحلة ثالثة هندسة معماري: ظاهرة الوشم من الظواهر التي انتشرت بعد الاحتلال والانفتاح على الغرب وهي ظاهرة سلبية غير محببة فضلا ان الدين الإسلامي حرمها .

رموز وطقوس

  من جانبه وضح الدكتور محمد الكناني استاذ الرسم في كلية الفنون الجميلة عن عراقة الوشم عبر مر العصور  إذ عرفه الإنسان منذ القدم من اجل التمايز ، وهو نوع من الطقوس السحرية ،وعادات وتقاليد مرتبطة ببيئة او قبيلة او نظام طقسي ، ويوضع في مناطق محددة من الجسد واحيانا هذا الوشم يمثل منطقة او عشيرة او علامات خاصة بالمركز الاجتماعي الذي ينتمي إليه صاحب الوشم واضاف الكناني : يختلف الوشم من منطقة الى اخرى وهو بمثابة هوية تعريفية كانت تستخدمه الحضارات كالفراعنة وحضارة المايا والهنود الحمر وحسب الطبيعة والتقاليد العرفية، ولكل شخص في تلك الحضارات اسلوب وطريقة معينة . فالنساء المتزوجات لها رسوم تشير بأنها مرتبطة ، والمحارب له رموز خاصة من اجل التميز وبعضها تدل على القوة والشجاعة ، وإخافة الأعداء . والى يومنا هذا يعد كل رسم او وشم له قصة او حادثة معينة في حياة الفرد وخاصة في اوربا وامريكا . وذكر الكناني انتشرت في العراق هذه الظاهرة بفترة العشرينات في جنوب العراق إذ توشم المرأة يدها ومعصميها للزينة بديلا عن الأكسسورات . واضاف : اعتقد ان كل فرد حر فيما يفعل . مع مراعاة احترام المجتمع الذي يعيش فيه لانه مجتمع ديني عشائري يرفض هذه التصرفات سواء كانت من الذكر اوالأنثى ،وانا مع الرسوم والأشكال المعقولة والتي تعطي جمالية للجسد وتكون مخفية من اجل احترام العادات والتقاليد .

مشاكل ذهنية وعاطفية

  من جهته قال الدكتور النفسي زيد فريح : إنّ عشاق الوشم فخورون بأنفسهم كثيراًفقد اتّخذوا قرارهم بوشم أجسادهم، ويودون أن يعلنوا بفخر أنّهم يفعلون ما يودون فعله، إنّهم أشخاص عاديون، إلاّ أنّ لديهم إحساساً كبيراً بذواتهم التي لا يرغبون بإخفائها، كما أنّهم لا يكترثون بالرأي العام، ولديهم الرغبة بأن يعرف الآخرون ما يؤمنون به. ‏إن من يتعمق بالجانب النفسي لأولئك الذين يضعون الوشم، يتراءى له أنّ هؤلاء يعانون إلى حدّ ما من مشاكل ذهنيّة، وسينظر إليهم بالطريقة التي ننظر فيها إلى حيوانات غريبة محبوسة في قفص، فهم يرغبون بالتمتع بروح الحرية، وقد وشموا أجسادهم ليتذكّروا شخصاً عزيزاً على قلوبهم، أو للإشارة إلى دين ما أو قبيلة، أو ببساطة يظهرون معتقداتهم السامية، وإذا ما تعمقت قليلاً في المعاني التي تحملها تصاميم الوشم، ستفهم لماذا يرسمونها على أجسادهم ويبرزونها أيضاً. ‏علماء النفس الذين يحاولون وضع أنفسهم في موقع الرجال والنساء الموشومين، يخفقون في عمل ذلك أغلب الأحيان هذا لأنّهم يعانون من عقبة ذهنية تشكّلت عبر قرون، تلك التي ربطت الوشم بالمجرمين والقتلة، ولكن على الرغم من أنّ المجرمين اعتادوا عليه حقّاً، ولا يزالون يضعون الوشم إلا أنّ هذا لا يمنع من أن يكون واضعو الوشم من بين الناس الأكثر ودّاً ولطفاً في العالم. ‏ثمّ النظر إلى الوشم بشكل دائم من وجهة نظر سيكولوجية، فأولئك الذين يجهلون أسبابه، سينظرون إليه على أنّه نوع من الاضطراب الذهنيّ، علماً أنّ الذين يضعون الوشم لديهم في الحقيقة أسبابهم القويّة لوضعه. ‏

أيّاً كانت الطريقة التي تنظر بها، ستعرف على الأقلّ شخصاً واحداً يحمل وشماً، وستدرك أنّها ليست بطريقة تثبت انحطاط الثقافة الحديثة أو أنّ الناس قد فقدوا قوّة الحكم على الأشياء وأصبحوا أتباعاً عمياناً لقائدٍ ما. ‏

مضار الوشم

المتخصص بالأمراض الجلدية الدكتور رامي الصفار قال : مخاطر الوشم كثيرة لانها ناقلة للكثير من الأمراض وخاصة من خلال الجلد غالبا ما يتم عمل الوشم من خلال حقن المادة الملونة بالأبرة، وقد تستخدم أبرة واحدة لعدة اشخاص مما يؤدي الى نقل العدوى من الأشخاص المرضى او ممن يحملون الأمراض مثل الايدز او التهاب الكبد الوبائي. وأضاف: معظم من يقومون بعمل الحقن والالوان غير مؤهلين طبيا لحماية الصحة العامة، مما يسهل انتشار العدوى، فمنهم من يجيد الرسم والتلوين ولكن لايعرف شيئا عن مخاطر صحية لما يقوم به …. وبين الصفّار ان المواد المستخدمة شديدة الحساسية وهي مواد كمياوية تسبب الحساسية والتهيجات والتشققات الجلدية، والبعض منها يسبب امراض السرطان وقد تؤدي الى الأمراض الجلدية، وكذلك تصعب إزالتها،

حرام شرعاً

الشيخ فاضل حسن نجم اللهيبي امام وخطيب جامع ( الحميد المجيد )  قال : ان الله سبحانه خلق الانسان في احسن صورة وميزه عن باقي المخلوقات فيجب ان لا نغير خلق الله سبحانه، وقد توعد  رب العزة من خلال القران الكريم الذي نزل على سيد الكائنات الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) بالطرد من رحمة الله فضلا عن انه يسبب الكثير من الامراض منها السرطان وغيرها من الامراض الخطيره التي اثبتتها الدراسات الحديثة . واضاف الشيخ هناك احاديث كثيره عن الوشم من ضمن تلك الأحاديث عن ابن عمر ان الرسول محمد(عليه افضل الصلاة والسلام) قال : ((لعن الواصلة و المستوصلة والواشمة والمستوشمة)) . ( متفق عليه ) الواصله التي تصل شعرها او غيرها بشعر اخر( الباروكة ) ، الواشمة هي التي ترسم على الجلد الرسوم  والأشكال ، الأحرف بالوغز بالأبر ، والمستوشمة التي تسأل من يفعل ذلك ، وهذا ينطبق على الرجال والنساء .  وأضاف أن الأسباب التي أدت الى انتشار الوشم والرسوم الغربية في مجتمعاتنا العربية وخاصه في المجتمع العراقي والتي هي من مخلفات الاحتلال البغيض و ضعف الدين بين صفوف الشباب والبطالة والفراغ وايضا مسؤولية المجتمع عندما نقول المجتمع يعني السلطة ،الأسرة ،المدرسية ،والأعراف والعادات التي تليق بالأنسان العربي إذ وزع الدين المسؤولية كما قال الرسول الاعظم محمد (صلى الله عليه وسلم) : ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة راع في بيت زوجها ومسؤوله عن رعيتها والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته وكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )) . ودعا الشيخ اللهيبي أرباب الأسر بتوفير الجو الديني في البيت وتربية جيل من الشباب الملتزم بقواعد الدين الإسلامي وبالتعاون مع الدولة من توحيد الجهود لبناء مجتمع حضاري بعيد عن التخلف والفساد .

تاريخ الوشم

عرف الوشم منذ القدم عند الشعوب والأمم والذي يقال يعود الى  3400 عام قبل الميلاد إذ استخدم من قبل الحضارات القديمة  مثل الفراعنة والمايا وقبائل شمال ووسط اوربا ويختلف الوشم حسب الطقوس الحياتية والدينية كالموت، والحياة، والزواج، والتعويذات السحرية او مرتبطة بأعراف قبيلة او نظام طقسي ، واستخدم الوشم في العراق كتعويذة ضد السحر والحسد والزينة والتجميل وخاصة عند النساء ،وانتشر الوشم في فترة الحرب العراقية الإيرانية بين الجنود العراقيين وهو كتابة اسم الأم او الحبيبة من اجل التمييز .


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه