17 / 02 / 2015

بيع الأدوية الفاسدة في الأسواق العامة ، وغياب ذوي الاختصاص في الصيدليات ، موت محقق للمريض...

تحقيق : محمد عبد الواحد

حينما يغيب الصدق وينتشر الغش والخداع، وتغلب المصلحة الشخصية على العامة ، فضلا عن غياب الرقابة نصبح أشبه مانكون في غابة تسكنها الوحوش ولكن حتى الغابة لها قانونها الخاص ، وعندما تكون صحة الإنسان وسلامته هي تجارة يمتهنها البعض لكسب المال وذلك من عن طريق بيع الأدوية والعقاقير الطبية على شكل ( بسطيات) في الأسواق والأماكن العامة ، وعلى الراغب في دواء معين أن يبحث عنه وسط أكوام الأدوية ، فهذا للصداع وذاك لتقوية الأعصاب وآخر للتقلصات المعوية ، أما بعض المنتجات فلا تستطيع قراءة ما مطبوع عليها بسبب عدم تمييز أرقام وتواريخ الإنتاج المدمجة مع بعضها البعض.

مجلة الرسالة الإسلامية أعدت تحقيقاً عن هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة :

بائع مواد قديمة يعمل صيدلاني

تجولنا في أروقة إحدى الأسواق الشعبية والتقيت بأحد باعة هذه البسطيات لمعرفة المستوى الدراسي وعلاقته ببيع الأدوية إذ أجاب قائلا : تركت الدراسة وأنا في الابتدائية وأنا اعمل في هذه المهنة منذ مدة فأنا أساسا بائع مواد قديمة (عتاك) فتركت عملي لأنه غير مربح فعملت في بيع الأدوية ؟ لأنها تجلب لي ربحاً جيداً ، وان مصدر هذه الأدوية التي أبيعها هو مذخر أهلي لا استطيع ذكر اسمه واغلبنا نبيع على التصريف بمعنى أعادة المتبقي من الأدوية إلى أصحاب المذاخر وان أكثر أنواع الأدوية بيعا لدي هي (حبوب الفاليوم ، حبوب الهلوسة ، المنشطات الجنسية ).

وسيلة للعيش

المواطن محمد جبر وهو أحد أصحاب (بسطيات بيع الأدوية) يقوم ببيع تشكيلة من الأدوية والعقاقير على قارعة الطريق وسألناه عن الأسباب التي دفعته لمزاولة هذا العمل فقال: أن الحاجة والبطالة والفقر هي السبب، فلم أجد أمامي أيَّ فرصةٍ للعمل كي أعيل عائلتين سوى هذه المهنة فلجأت لمزاولتها!

طرق ملتوية

أما الدكتورة نور البرزنجي فقد تحدثت عن الأدوية التي تصل إلى أيادي هؤلاء الباعة وبهذه الكميات الكبيرة عن مصدراً آخر غير المذاخر لتسرب تلك الأدوية إلا وهو طريق بعض ضعفاء النفوس في المستشفيات والذين هم من ضمن ملاك المستشفى فكثيرة هي الطرق الملتوية لسرقة تلك الأدوية ومن ابرز تلك الطرق حين يكتب الطبيب الوصفة لأحد المرضى فإن الصيدلي يصرف نصفها والنصف الآخر تأخذه أيادٍ ليعرض خارج المستشفى على الأرصفة أو من خلال بعض المضمدين الذين توجد لديهم طرق مختلفة في الحصول على الأدوية وتوجد لديهم أنواع منها تعجز أقوى المذاخر وأكبرها من الحصول عليه.

غياب ذوي الاختصاص

بينما علقت الموظفة عبير قائلة : إن م مهنة الطب مهنة انسانية، ويجب التعامل مع المراجعين المرضى بإنسانية من دون استغلالهم، لكن ما يحدث الآن إن الصيدليات تغش المواطن المريض وتبيع له أدوية من مناشئ غير معروفة، ولا يعلم من الذي استوردها إلى المذاخر أو حتى طرحها في السوق وأصبحت في متناول الجميع ، كما إن الصيدليات يقف فيها أناس ليسوا ذوي اختصاص فالصيدليات التي تقع في منطقتنا الواقعة في ( الصليخ) تقف فيها أناس ليس ذو اختصاص والبعض منهم خريجون معهد طبي .

رخصها وسهولتها

الصيدلانية فاتن محمود تحدثت إن أهم  أسباب توجه الكثير من المرضى إلى الصيدليات التي يطلق عليها تسمية ((أم الرصيف)) هو رخصها وسهولة  شرائها وبدون وصفة طبيب وان المواطن العراقي أصبحت لديه معلومات بالأدوية ((الانتبايتك)) بسبب وجودها بكل مكان وبأي زمان وبالتالي هو من يشتريها وبدون مراجعة الطبيب فالصيدليات المنتشرة على الأرصفة تبيع الأدوية بأسعار يستطيع المواطن البسيط شراءها على عكس الصيدليات التي تبيع الأدوية بأسعار مرتفعة و التي لا تجدها في الكثير من المستشفيات الحكومية.

أدوية مهربة و فاسدة

أما الدكتور محمد النداوي طبيب استشاري قال إن هناك أدوية تعرض على الصيدليات بنسبة خصم‏31%‏ وهو رقم  كبير جدا رغم إن نسبة خصمها الحقيقي لا تزيد عن ‏12%‏ وهذا يعني إن هذه الأدوية إما مهربة أو فاسدة تم تدويرها في السوق مرة أخرى ومن تلك الأصناف أدوية لمنع الحمل وبعض أدوية خفض الحرارة للأطفال‏.‏ ‏,‏ أما القرار‏ الخاص بالتفتيش الصيدلي فقد ألزم الصيدلي بأن يضع الأدوية منتهية الصلاحية في مكان منفصل داخل الصيدلية ويضع لافتة بأن هذه أدوية منتهية الصلاحية ولم يحدد القرار كيف يتصرف الصيدلي بهذه الأدوية أو يلزم الشركات باسترجاعها بنفس السعر أو بنفس الكمية من أدوية جديدة‏,‏ وعلى الرغم من أن التفتيش الصيدلي نشيط جدا ويتابع الصيدليات بدقة فإنه للأسف تفتيش روتيني ولا يبالي بكيفية التصرف بهذه الأدوية؟ وطالب الأجهزة المعنية في الدولة بالتحقيق في أزمة الأدوية منتهية الصلاحية ومصيرها‏,‏ فهي في النهاية قد تصل إلى المرضى وتؤدي للوفاة.

كائن غير مرغوب

العيادات الأهلية مصدر لكسب المال يعتاش عليه الكثير من الاطباء بعيداً عن ما جاءت بها مهنتهم الانسانية وما تحملها من قيم ومبادئ اخلاقية هكذا ابتدأ الدكتور عزيز العاني  وأضاف : ان مهنة  الطب هي مهنة انسانية واخلاقية قبل ان تكون مادية , لكن بعض الاطباء الان يستعملها لجني الاموال وبناء العلاقات , فـ الطبيب في المشفى الحكومي يتعامل مع المراجع ((المريض)) كأنه كائن غير مرغوب به وجاء من كوكب آخر ويتعامل معه بخشونة وبدون فحص دقيق مجرد السماع من المريض وعلى اثرها يكتب له العلاج واذا كانت حالة المريض تحتاج الى عملية فيقول له انتظر مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر لاجراء العملية واذا اردت راجعني الى عيادتي الخاصة !! ..

وأضاف الدكتور العاني عند مراجعة المريض الى العيادة فانه سيجد طيباً جديداً غير الذي راه في المستشفى الحكومي من حيث اسلوبه بالكلام وطريقة تعامله وفحصه الدقيق له مقابل مبلغ من المال ((الكشفية)) التي تتراوح اسعارها من 15 – 50 الف دينار عراقي حسب المدينة وشهرة الطبيب .

حملات وطنية

أما الدكتور عبد الرحيم الزبيدي قال : ان وزارة الصحة قامت بحملة وطنية للسيطرة على تداول الادوية في القطاع الخاص ، بدأ تنفيذها في النصف الاول من عام 2012 وشاركت فيها عدة وزارات واجهزة حكومية ساندة مثل وزارة الداخلية والدفاع والامن الوطني والمالية, بهدف السيطرة على تداول الادوية في اروقة القطاع الخاص في وقت كان انتشارها كثيفاً جدا وغير مسيطر علية بسبب الوضع الامني حيث كانت هنالك مناطق خطرة يصعب الوصول اليها وكثير من مفارزنا تعرضت الى اطلاق نار وتهديد ، اما الان لقد اصبح تداول الأدوية في القطاع الخاص يسير ولم يبق منه الا شذرات الا وهو صيدليات الرصيف فقد وصلنا الى مرحلة متقدمة جدا حيث ان اكثر من 80%من الأدوية الموجودة في الصيدليات خاضعة للفحص الطبي وناجحة فيها وفي حالة دخول الادوية بطرق غير رسمية وخضعت الى الفحص وفشلت فانها لن توزع على منافذ البيع واتلافها وفرض عقوبات على الجهة التي قامت بادخالها منها اتلاف الوجبة بكاملها وفرض غرامات مالية والاحالة الى القضاء حيث تم اغلاق (488) صيدلية وهمية و(17) مذخر طبي وهمي ومصادرة (134) بسطية للادوية ، واضاف ان هناك فرقاً جوالة تقوم بحملات تفتيش يومية واسبوعية على الصيدليات في مناطق الحارثية وشارع فلسطين والمنصور والسعدون وغيرها من المناطق ، مشيرا بان هذه الظاهرة قلت عن السابق ونحن سنعاقب من يثبت تورطه في بيع الادوية وخاصة الموظفين في المستشفيات والمراكز الطبية .


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه