تبرعت لبناء جامع وأريد تغيير نيتي لكي أتبرع بالمبلغ لجماعة يبنون دورًا سكنية للأيتام؟...

السؤال :

السلام عليكم تبرعت بنصيبي من الإرث الذي سوف يؤول إلي من بيع بيت والدي لبناء جامع؛ وكان ذلك في مكة المكرمة عندما كنت في العمرة، ولما رأيت اختلافًا كبيرًا في الجوامع والمساجد وأصبح البعض منها للتفرقة وليس لجمع الناس أريد تغيير نيتي لكي أتبرع بالمبلغ لجماعة يبنون دورًا سكنية للأيتام، هل يجوز التبرع بثلث مالي وليس كل المال؟

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أريد أن أتكلم معك بكلمة قبل الجواب:

المساجد والمشاكل؛ فالأصل في المساجد أنها أماكن لأمرين رئيسين:

– لعبادة الله وحده لقوله تعالى ((إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ)) _{التوبة18} والاعمار هنا معنوي أي بإقامة الصلاة والذكر والدعاء ونحو ذلك.

– وتلقي فهم المحكم الذي لا خلاف فيه من الدين فقد كان رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم يعقد حلقات تفقيه الأمة في المسجد؛ والنصوص في ذلك كثيرة منها قوله ((وما اجْتَمَعَ قَوْمٌ في بَيْتٍ من بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إلا نَزَلَتْ عليهم السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ الله فِيمَن عِندَه)) _{رواه مسلم ج4/ص2074، حديث رقم 2699}. فالمسجد مدرسة لدراسة القرآن حفظا وتلاوة ومدراسة للآيات وما فيها من أحكام ومواعظ ومعانٍ دينية وتربوية.

وعندما يأتي من يتبنى تفريق الناس في مسائل لم تبنَ المساجد لها يجب أن ننبري لرد هذه الأفعال وليس الانهزام منها؛ ويجب أن نسجل موقفًا في الدفاع عن رسالة المسجد في جمع الصف وإشاعة أجواء الألفة وليس بترك بناء المساجد.

وعن جواب سؤالك أقول لك: إنَّ العود في التبرع ممكن، فقولك: ” تبرعت بنصيبي من الإرث الذي سوف يؤول إلي من بيع بيت والدي لبناء جامع” ؛ يشعر أنك لم تقبض نصيبك بعد ولا يعتد بقولك حتى تقبض نصيبك وتدفعه لمن يبني جامعًا ويقبضه أو يحوزه المتولي منك، فالقول بأنك متبرع لا يكفي بل لا بد من دفع المال وإنجاز العمل.. وقبل الإنجاز لا تعد متبرعًا ولك أن تعود فيما قلت وتحويله كما شئت، مع أن الأفضل أن لا تغير نيتك.