ايات من القرأن الكريم

وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ

الآية رقم 38

من سورة يس

16 / 02 / 2016

قسم التجنس بالجنسية الغربية

السؤال :

أنا أحمل جنسية دولة غربية ومستقر هناك، والحمد لله لدينا مساجد وحرية في ممارسة ديننا وانا أحب وطني الغربي الذي أعيش فيه، هناك بالطبع ايجابيات وسلبيات ولكن الحمد لله نحن في استقرار. مرة قرأت أن أحد الشيوخ يقول: إن قسم الجنسية الغربية في البلد الذي أعيش فيه وحصلت على جنسيته ولاية مطلقة وكفر،

فقمت بسؤال دار الافتاء وفي سؤالي لم اذكر لهم ما قاله ذلك الشيخ وذكرت لهم الصيغة المترجمة كاملة لقسم الجنسية الغربية الذي قلته وكتبته ووقعت عليه عند حصولي على الجنسية  دون اعلامهم ما قاله ذلك الشيخ عن رأيه  من أن قسم الجنسية الغربية الذي قلته وكتبته ولاية مطلقة وكفر. والحقيقة كان جواب دار الافتاء مختلف عن ما قاله الشيخ فلم ترَ حرجًا في التجنس في الدولة التي أعيش فيها وأن القسم الذي أقسمته لا ينقض الاسلام. الحقيقة أنا متفق مع ما قالته دار الافتاء ولكن في بعض الأحيان أقول لنفسي هل كونى لم اذكر لهم ما قاله ذاك الشيخ عن رأيه ان القسم للجنسية الغربية ولاية مطلقة وكفر هل ربما تكون فاتت عليهم معلومة. وبعض الأحيان أقول لنفسي طالما أنهم أجازوا ذلك الشيء وطالما أنهم جهات إفتاء رسمية فهم أكيد على علم بالقواعد الشرعية ولا يمكن أن يفوت عليهم موضوع مثل الولاية المطلقة والتكفير، وعلي ألا أدقق وألا أفكر كثيرا. أحب أن اسأل هل تبرأ ذمتي إذا أخذت برأي من أجاز قسم الجنسية الغربية كما ذكرت في السؤال دون اعلامهم بالرأي الذي يقول أنه ولاية مطلقة وكفر؟ أنا تعبت نفسيا أحب ديني وأحب بلدي الغربي فأرجو النصيحة.

الجواب :

01 لم أفهم أي دار إفتاء تعني، فإن كانت دارًا مؤهلة للإفتاء وفيها علماء أهل لنقل الفتوى ومعروفون بالخوف من الله فلا حرج أن تعتمد فتواهم، وذمتك تبرأ بالسؤال فالمسلم مطلوب منه أن يسأل أهل الاختصاص ممن يخاف الله ويتقيه فيما يعترضه؛ وتبرأ ذمته بذلك.

02 أما إذا أردت حقيقة حكم الحصول على جنسية دولة غير مسلمة وتوطن تلك الدولة، وما يترتب على التجنس من حقوق والتزامات يلتزم بها الطرفان، فمن هذه الالتزامات ما يتقاطع مع الاسلام، ولكن التوطن قد يكون اختياريا وقد يكون إجباريًا.

فالاختياري أن يختار المسلم بإرادته دولة غير مسلمة ليرتبط معها برابط المواطنة والجنسية مع ما يتبع ذلك من التزامات، والإجباري أن تفرض عليه الجنسية كما هو حال عرب فلسطين داخل حدود 48 وكما هو حال المسلمين الموجودين في الصين والهند اليوم، ولكلٍ حكمه.

أما التجنس الاختياري فقد عده بعض العلماء ردة عن الإسلام لأنه تعاقد على نبذ أحكام الإسلام واستحلال ما حرم الله عن رضًا واختيار، وهو داخل في قوله تعالى {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} المائدة51 فالتجنس داخل في الموالاة، ومولاة غير المسلمين بالاختيار كفر وردة.

ويتوافق مع معنى الآية قوله تعالى (أنا بَرِيءٌ من كل مُسْلِمٍ يُقِيمُ بين أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ لِمَ؟ قال لَا تَرَاءَى نَارَاهُمَا)([1]) وبراءته e تعني خروجه من الإسلام فهو e لا يتبرأ من مسلم.

وفي كل الأحوال فالتجنس الاختياري لا يخلو من الحرمة وأنه من الكبائر إن لم يكن ردة؛ لأن الإقامة تثمر التدجين والتدجين يجعل المدجن عرضة للمروق من الدين؛ إن لم يكن هذا في الجيل الأول ففيما بعده، وورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لَا تُسَاكِنُوا الْمُشْرِكِينَ ولا تُجَامِعُوهُمْ فَمَنْ سَاكَنَهُمْ أو جَامَعَهُمْ فَهُوَ مِثْلُهُمْ)([2]).

أما المضطر للذهاب إلى هناك بأن ضاقت عليه الأرض فعليه أن يفكر بالإقامة في بلد مسلم أولاً، فإن عجز عن ذلك فهذا بحكم المضطر وهذا يمكن أن يعدَّ لونًا من التجنس الإجباري بشرط أن لا يكون هدفه الترفه المجرد، وأن يعقد العزم على حفظ دينه ودين أهله بالابتعاد عن المنكرات وملازمة التكتلات الإسلامية هناك.


 

([1]) أخرجه أبو داود 3/45، بَاب النَّهْيِ عن قَتْلِ من اعْتَصَمَ بِالسُّجُودِ، حديث رقم 2645، والترمذي 4/155، بَاب ما جاء في كَرَاهِيَةِ الْمُقَامِ بين أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ، حديث رقم 1604.

([2]) أخرجه الترمذي 4/155، بَاب ما جاء في كَرَاهِيَةِ الْمُقَامِ بين أَظْهُرِ الْمُشْرِكِينَ، حديث رقم 1605، والحاكم في المستدرك على الصحيحين 2/154، حديث رقم 2627، وقال عنه: صحيح.

الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار

عضو المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء

للدعوة والإفتاء

عضو المجلس العلمي المركزي


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه