ايات من القرأن الكريم

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ

الآية رقم 10

من سورة الزخرف

08 / 10 / 2013

هل يجوز أن أربي طفلا غير معروف النسب وأنسبه إلي وإلى امرأتي؟...

السؤال :

السلام عليكم هل يجوز أن أربي طفلا غير معروف النسب وأنسبه إلي وإلى امرأتي؟ علما أني متزوج من خمس سنوات وكلانا عقيم، وأنا لا أعني التبني لكن الإقرار بنسب طفل لقيط غير معروف النسب؟

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته من آيات الله في خلقه أن يهب ذرية الذكور لمن يشاء ويهب ذرية الإناث لمن يشاء ويمنع هبته عمن يشاء، وكل ذلك ابتلاءً لعباده؛ ليعلم كيف سيربي والد الذكور أبناءه؟ وكيف سيربي والد الإناث بناته؟ وكيف سيتصرف العقيم؟ ثم يكون الجزاء يوم القيامة.

وفي ذلك يقول القرآن الكريم {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُور*أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِير}الشورى50.

وهذه الهبة أو المنع لا تخلو من حكمة يعلمها الله تعالى وإن جهلها المكلف؛ لذا عقَّب القرآن في الآية {إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِير}أي عليم بما هو الأصلح لمن وهبه الذكور وبما هو الأصلح لمن وهبه الإناث وبما هو الأصلح للعقيم.. فإذا كان الله قد ابتلاك بالعقم فاصبر واحتسب ولا تجزع لهذا البلاء فالخير فيما اختاره الله.

هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى فإن الإسلام رّغب في الإحسان إلى اللقطاء بتربيتهم ورعايتهم، وذلك من أعمال الخير وتكافل الأمة وتضامن أبنائها، إلا أنه لا يجوز تبني اللقيط وجعله بمثابة الولد صحيح النسب شرعاً، فهو أمر محظور، وعواقبه وخيمة.

فمن مقاصد الشريعة حفظ النسب، ومعنى حفظ النسب أن لا يُنسب أحد إلى غير أبيه؛ ولا يَنسِب أبٌ إليه غيرَ ولده.. وقد كذب القرآن من دعي لغير أبيه أو دعا غير أولاده له فقال {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءكُمْ أَبْنَاءكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُم بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيل} الأحزاب4 فقول الرجل أنا ابن فلان لغير أبيه؛ وقول الآخر فلان ابني لمن لم يولد على فراش الزوجية قول كذب وزور، والله يقول الحق المطابق للواقع وهو أن هذا ليس ابنا لهذا ولا هذا أب لهذا، والحق أن لا يدعى الوليد لغير أبيه.

وفي حال جهل الأب تكون للقيط أخوة الدين وليس النسب المزور {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} الأحزاب5 وقبل الإسلام كان من عادة العرب التبني وتبنى رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم رجلاً اسمه زيد بن حارثة رضي الله عنه وكانوا يدعونه زيدًا بن محمد، فأنزل القرآن {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّه} أخرجه البخاري 4782 ومسلم 2425 والترمذي 3209 والنسائي كبرى 11397.

وقوله تعالى {فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُم} أمرٌ برد أنساب الأدعياء إلى آبائهم إن عرفوا فإن لم يعرفوا فهم إخوان في الدين عوضا عما فاتهم من النسب، وكان في الصحابة من يجهل أباه ولم ينتسب لأحد.

فكان أحد الصحابة اسمه نفيع وكنيته أبو بكرة واسم أمه سمية، وكان قد نزل يوم حصار الطائف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف فأسلم مع مجموعة شباب من أهل الطائف فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول أنا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم.. روى ابنه عبد الرحمن عنه أنه كان يقول (أنا ممن لا يُعرف أبوه وأنا من إخوانكم في الدين) وقال ابنه: والله إني لأظنه لو علم أن أباه كان حمارا لانتمى إليه.

وكيف ينتسب إلى غير أبيه وهو سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من ادَّعَى إلى غَيْرِ أبيه وهو يَعْلَمُ أَنَّهُ غَيْرُ أبيه فَالْجَنَّةُ عليه حَرَامٌ) رواه البخاري، 6385.

والتبني هو إقرار كاذب بنسب مزور، وهذا اللقيط إذا انتسب لرجل ليس أباه؛ تبقى أمه غريبة عليه وإذا بلغ لا يحل لها أن تضع حجابها أمامه؛ ولا أن يخلو بها. وإذا مات الأب المزور سيرثه هذا اللقيط بغير وجه حق وسيحرم الورثة الحقيقيين في دين الله، وكل هذا لا يجوز.

د. عبد الستار عبد الجبار

عضو المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء

للدعوة والإفتاء


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه