ايات من القرأن الكريم

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ

الآية رقم 60

من سورة الأنعام

24 / 10 / 2013

يستشهد البعض بحديث عن المرأة ” إن المرأة ناقصة دين وعقل” فهل صح حديث نبوي؟...

السؤال :

السلام عليكم عند الحديث عن المرأة ودروها في المجتمع يستشهد البعض بحديث ” إن المرأة ناقصة دين وعقل”  فهل صح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث أو أي معنى من معانيه؟

الجواب :

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته قدم الإسلام تصورًا شاملا عن الكون والحياة والإنسان؛ وهذا التصور مستمد من خالق الكون والحياة والإنسان الذي يعلم ما خلق؛ ويعلم الأصلح لما خلق.. فإذا تقاطع هذا التصور مع تصورات جاء بها إنسان من هنا أو هناك؛ في هذا الزمن أو في السابق؛ فلا يجوز للمسلم الصادق في استسلامه لله (جل جلاله) ولا للمؤمن الصادق في إيمانه بأن الله الذي خلق؛ وشرع الأصلح لما خلق أن يعترض على نصوص مقدسة جاءت من الله تعالى أو من رسوله (صلى الله عليه وسلم) ليداري سفاهات جاءت عن الآخر الذي لا يحترم عقدتنا.

فقد صحَّ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنَّه خَرَجَ في أَضْحَى أو فِطْرٍ إلى الْمُصَلَّى فَمَرَّ على النِّسَاءِ فقال: (يا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ. فَقُلْنَ: وَبِمَ يا رَسُولَ اللَّهِ قال تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، ما رأيت من نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ من إِحْدَاكُنَّ. قُلْنَ: وما نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قال: أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟ قُلْنَ: بَلَى. قال: فَذَلِكِ من نُقْصَانِ عَقْلِهَا، أَلَيْسَ إذا حَاضَتْ لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟ قُلْنَ بَلَى. قال: فَذَلِكِ من نُقْصَانِ دِينِهَا) رواه البخاري، بَاب تَرْكِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ، حديث رقم 298، ومسلم، بَاب بَيَانِ نُقْصَانِ الْإِيمَانِ بِنَقْصِ الطَّاعَاتِ، حديث رقم 79.

والمراد بالعقل هنا ليس الذي يعقل صاحبه عن الجهل ويحبسه عن الحماقة، أو الذي يدفع صاحبه إلى الإمساك عن القبيح وقصر النفس وحبسها على الحسن، فهذا المرأة والرجل فيه سواء لأنه مناط التكليف الذي لو خفَّ أو انعدم ينعدم التكليف معه، وكل من المرأة والرجل يفكران ويعقلان.

ولكن المراد ما ذكره التشريع لأسباب يعلمها المشرع U من أن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل؛ وذاك ليس لأن عقلها بنصف عقله بل لمعنى خاص هو في التشريعات راعت أمورًا كثيرة؛ وهذا في المعاملات المالية فقط وإلا فشهادة المرأة في بعض الحالات ترد كل شهادات الرجال؛ كما في شهادة القابلة على حياة المولود أو وفاته.

وليس المراد من نقصان الدين هنا نقصانَ التدين بوجه يأثم به المتصف به كمن ترك الصلاة بلا عذر، بل هو معنى مجازي لا يأثم المتصف به؛ كترك الحائض الصلاة والصوم فإنه عذر ورخصة منحها الله للمرأة التي تعيش وضعًا نفسيا ووظيفيا خاصًا، وهذا من باب الرحمة بها والمراعاة لخصوص حالتها؛ وليس تنقيصًا لها.

وإلا فالإسلام كرم المرأة أمًا، وكرمها زوجة، وكرمها ابنة، وكرمها أختًا.

كرم المرأة أمًا وأمر ببرها قبل الأب، فعندما سأل رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) من أَحَقُّ الناس بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قال: (أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أُمُّكَ ثُمَّ أَبُوكَ ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ) رواه مسلم، حديث رقم 2548. فقدم مرتبة المرأة الأم على مرتبة الرجل الأب بثلاث درجات.

وكرمها زوجة وأمر بمعاشرتها بالمعروف فقال تعالى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} النساء19 فإن أراد مفارقتها بتسريح حسن {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ }البقرة229.

وكرمها ابنة فجعل جزاء حسن تربيتها الجنة ولم يرد نص في ذلك للذكر فقال (صلى الله عليه وسلم) (من كن له ثلاث بنات فعالهن وآواهن وكفهن وجبت له الجنة؟ قلنا: وثنتين؟ قال: وثنتين. قلنا: وواحدة؟ قال: وواحدة) الطبراني، المعجم الأوسط، حديث رقم 6199.

وكرمها أختًا فجعل كفالتها على أخيها بعد أبيها وحمله مسؤولية رعايتها.

والمسألة تحتاج إلى وقفة أطول نسأل الله أن ييسر لها.

 

 

 

د. عبد الستار عبد الجبار

عضو المجمع الفقهي العراقي لكبار العلماء

للدعوة والإفتاء


X أرشيف مطبوعات الديوان


مجلة الرسالة الاسلامية



مجلة عيون الديوان



مجلة بنت الاسلام



مجلة الامة الوسط



مجلة والذين معه